أشجان

لسْتُ أَدْري هَل سوف أَرْجِعُ لِلرَّبْعِ وإلاَّ سَيَرْجِعُ الجُثْمانُ؟!

ضاقَ صَدْري بما أُعاني من السُّقْمِ

وضَجَّ التَّفكِيرُ والوُجْدانُ!

ولقد يَشْمَتُ الكثيرون بالرَّاحِلِ عَنْهم وما لَه عُنْفُوانُ!

انَّ بَعْضَ الشَّماتِ مَجْدٌ لِمَنْ راحَ ورِبْحٌ يَجُرُّهُ الخُسْرانُ!!

هدَفاً كنْتُ للحُقُودِ ولِلنِّقْمةِ جَهْراً واسْتذْأَبَ الشَّنآنُ!

ما أُبالي بما يكون إذا ما

نالَني مِن مُحاسِبي الغُفْرانُ!

فلقد كَنْتُ في الحياةِ تَقِيّاً

وغَوِيّاً يَقُودُني الشَّيْطانُ!

كنْتُ حِلْفَ الأَوْزارِ تأْخُذُ مِنِّي

ما أرادَتْ. وفي يَدَيْها العِنانُ!

يا لَها مِن حياةِ غِرٍّ مُطَيعٍ

حاوَلَ العِزَّ فاحْتَواهُ الهَوانُ!

يتَمنى الجِنانَ.. وهو الجَحِيميُّ

فَتَنْأى عن المَخازِي الجِنانُ!

ويْكَأَنِّي أنا الأَغَيْلِفُ في الأَرْضِ. ولكنْ عَصى عَلَيَّ الختانُ!

اوْ أنا الآبِقُ العَتِيُّ. وما يُثِقُ مِنِّي. ولا يُحيفُ الجرانُ!

حلَفاءَ الدِّنانِ ما كنْتُ مِنْكُمْ

فَلِماذا تجْني عَلَيَّ الدِّنانُ؟!

ولقد يَصْرَعُ الطِّعانُ مَلاَكاً

ثم يُغْضِي عن الرَّجيمِ الطِّعانُ!

* * *

وَيْلُ نَفْسي مِمَّا تُجِنُّ وما تُظْهِرُ مِمَّا يَحارُ فيه العَيانُ!

إنَّ أَمْرِي بِها عَجِيبٌ وكَلاَّ

فَكِلانا هو الشُّجاعُ.. الجَبانُ!

لَمْ أُناصِحْ. ولم تُناصِحْ فَصِرْنا

صَفْقَةً رِبْحُها جَفاهُ الرِّهانُ!

أَفَترْوِي الدُّموعُ فَقْراً جَدِيباً

ما رَوَتْهُ زَهادَةٌ وحَنانُ؟!

كيف يَرْوِي الأُجاجُ قَفْراً.. إلى

العَذْبِ. إلى الغيث هامياً.. ظَمْآنُ؟!

وأنا اليَوْمَ في الصِّراطِ فما

أعرف سراً يُخْفِيهِ عَنِّي الزَّمانُ؟!

أألحَيُّ سوف أَرْجِعُ لِلرَّبْعِ

وإلاَّ تَلُفُّني الأكْفانُ؟!

* * *

رُبَّ حَيٍّ يرجو المَمات.. ومَيْتٍ

ما ارْتَجاهُ.. يَضِجُّ منْه المَكانُ!

فَهْو كَلٌّ على الحياة.. بَغيضٌ

تَزْدَهِيه بَغْضاؤُهُ واللِّعانُ!

غَيْرُ مُسْتَشْعرٍ ولو أَثْخَنَ السيف حَناياهُ غاضِباً. والسِّنانُ..!

إنَّني خائِفٌ مَصيراً شَقِيّاً

فيه يَجْفو غُرابَهُ الكَرَوانُ..!

بَعْد أنْ كانَ شادِياً يَطْرِبُ السمع ويشفي يَراعُهُ والبَيانُ؟!

* * *

أَفَيَغْدو الماسُ الثَّمينُ رخيصاً

حين يَغْلُو بَيْنَ الورَى الصَّوَّانُ؟!

بَعْضُ هذا يُدْمي المُحِسنَّ ويُخْزِيهِ. فما ثَمَّ عِزَّةٌ أو أَمانُ..؟!

مَسَّني الضُّرُّ من حياة الزّرازيرِ

وساء الإِسرارُ والإِعْلانُ!

كيف للحر أن يطيب له العيش ومِنْ حَوْلِهِ جَوىً وامْتِهانُ؟!

فيه بَرَّزتْ حرائِرَ الحَيِّ واسْتَعْلَت عَلَيْهِنَّ في حمانا القِيانُ؟!

قَدَرٌ ما نَروُغُ ولو جارَ

وبَعْضُ الجَوْرِ الخَفِيِّ امْتحانُ!

رُبَّ ضِيقٍ نَرْتاعُ مِنْهُ

وما كان ظَلُوماً جانِيهِ بَلْ مَنَّانُ!

أَشْتَهِي.. أَشْتَهِي المَنُونَ إذا عَزَّ ذَهابي بِه.. وفِيمَ الحِرانُ؟!

والذَّليلُ. الذَّليلُ مَن رَضِيَ العَيْش فُضُولاً.. وسَرَّهُ الشَّنآنُ!

* * *

يا إِلهي. متى أَعُودُ إلى الرَّبْع

فقد هَزَّتِ الحَشا الأَشْجانُ؟!

شفَّني السُّقْمُ. واسْتَبدَّ الشَّوْقُ. لمن كُنْتُ أصْطَفِيهِمْ.. وكانُوا!

والكيانُ الذي أُحِبُّ. وأَهْلُوهُ

فَنِعْمَ الهوَى. ونِعْمَ الكِيانُ!

هي رَوحِي تَهْفُو إِلَيْهِمْ ويَهْفُونَ وعَزَّ السُّلُوُّ النِّسْيانُ!

* * *

أيُها الرُّوحُ.. أَيُّها الجَسَدُ الفاني سَيَطْوي بَلاءَنا الرَّحْمنُ!

أَنْتُما في يَديْهِ.. ما يُقْنَطُ رُوحٌ مِنْه.. ولا جُثمانُ!