أنا والناس حوار مع النفس

ليس لي أنْ أقولَ شعراً وهذي

نَفَثاتٌ تَفُوقُ.. شعراً ونثرا!

ومن العَدْلِ أَنْ أُمَتَّعَ سمعْي

بالذي شاقَني فَجَلىَّ وأَغْرى!

فأَمامَ المُبرِّزينَ أراني

عاجزاَ أَنْ أقولَ شَهراَ أَغَرَّا!

ولقد حاول اليراعُ فأَعْياه

البليغُ الذي إذا قالَ سَرّاً..!

ولقد حاول البيانُ فلاقى

بَعْد يُسْرٍ من المَلاحِمِ عُسْرا!

***

يا حُماةَ البَيان.. ما أَكرَم المرْءَ

إذا ما أقامَ لِلْحقَّ جِسْرا!

ولأَنْتُمْ بُناته فَذَروهُ

يَرْفَعُ الرَّأْسَ بالمآثِرِ تَتْرى!

إنَّ مِنَّا الكثيرَ صَرْعى الأباطِيل

ومِنَّا الكثيرَ في القَيْدِ أَسْرى!

فَعسانا بِما نَطِيِقُ من القَوْل

رشيداً نَشُدُّ للحَقَّ أَزرا!

إنَّه الرِّبْحُ للحياة وإلاَّ

كان حَظُّ الحياةِ ذُلاً وخُسْرا!

***

ما أراني بَيْن العَماليقِ إلاَّ..

قَزَماً .. ما يَطِيقُ نَفْعاً وضَرّاً!

ولَوْ أنِّي اسْتطَعْتُ كنْتُ المُجَلي

في سباقي . والفارِسَ المُسْبَطرَّا!

غَيْرَ أَّني كنْت المُصَليَ في السبق

وكان الرِّفاقُ بالسَّبْقِ أَحْرى!

وحياةُ الورى حُظُوظٌ.. وحَسْبي

مِن حَياتي .. ما حَوَّلَ الشَّرَ خَيْرا!

***

ما حياةُ الأَنام إلاَّ هباءٌ

إنْ تَكُنْ لا تُتِيحُ مَجْداً وفَخْرا!

إنْ تَكُنْ بالقُشُورِ تَحْفَلُ..لا اللُّبَّ .وما بالقشورِ تَشْرُفُ ذِكْرا!

إنَّما تَشْرُفُ الشُّعُوبُ بما بانَ

مِن الذَّكْرِ حالِياً واسْتَسَرَّا!

حدَّثَنْني نَفْسي بأنِّي غَرِيبٌ

ما ترى لي بَيْن الوَرى مُسْتَقَرَّا!

قُلْتُ يا نفس. أَنْتِ تَدْرينَ

بالسَّرِّ.. وإنْ كنتِ لا تُقِيمين عُذْرا !

أَنْت من قَادني إلى العُزْلَة

المُرَّة.. حتى سَلكْتُ دَرْباً أَمَرَّا!

لمْ تَقُودي سُراتي في لاحِبِ

الدَّرْب.. وما كُنْتِ في الدُّجُنَّةِ بَدْرا!

لا تَلُومي مُرَزَّاً أَنتِ أَولى

مِنْه باللَّوْمِ. أَنتِ أَعظَمُ وِزْرا!

ضِقْتُ ذَرْعاً بِما أُلاقِى. فَكُوني

من فَتاكِ الحَسِيرِ أَوْسَعَ صَدْرا!

وذَرَفْنا دَمْعاَ سَخِيّاً.. فقد

كُنَّا سواءً بما اقْتَرَفْناهُ نُكْرا..!

هل يَرُدُّ الدُّمْع الغَوِيَّ إلى الرُّشُدِ؟ويَحْبُو على الرَّزِيَّةِ صَبْرا؟!

أَمْ تُرانا مَعاً نَعيشُ مع الغُرْبةِ

نَطْوِي الفَلا . ونَسْكُنُ قَفْرا؟!

أَيُهذِي الأَقدارُ قد يُصبِحُ الشَّوْكُ على مُرْتَضِيه.. وَرْداً وزَهْرا؟

ارْتَضَيْنا به .. ويا رُبَّ راضٍ

عادَ بعد الرِّقَّ المُسَخَّر حُرَّا..!

كم رُفاتٍ يَغْدو بهِ القَبْرُ صَرْحاً

وحياةٍ يَغْدو بها الصَّرحُ قَبْرا!

***

فاعْذُرُوني إذا اقْتَضَبْتُ. فما

أَقْوى على أَن أكُون في الجَوَّ صَقْرا!

كم تَمَنَّيْتُ أّنْ أكُونَ فَأَعْيَتْ

أُمْنياتِي . وكنْتُ في السَّفْرِ سَطْرا!

ورأيْتُ اليَومَ السَّجِلَّ فأغْضَيْتُ فهذا سفْرٌ يُواكِبُ سِفْرا!

قُلْتُ حَسْبِي أنِّي غَدَوْتُ من الطيْرِ

وأَنَّي وَجَدْتُ في الرَّوْض وَكْرا!

فَجَناحي المَهِيضُ أضْعَفُ من أَنْ

.. يَسْتَوِي مِثْلَهُنَّ في الجَوَّ نَسْرا!

***

يا نُحاسي الرَّخِيصُ .. لن تَخْدَعَ النَّاسَ . ولن يُبْصروك ماساً وتِبْرا!

عَرَفَتْ قيمتي حَناياي سِرّاً

ثُمَّ قالَتْ .. قُلها لِرَبْعِكَ جَهْرا!