اصطبار وانتحار

ماذا حلا لكِ بَعدي

بعد القِلا والتَّصدِّي؟!

أمَّا أنا فِحَلاِ لي

أَنِّي حَظِيتُ بِجُنْدِ!

من المِلاحِ شَذِيٌّ

أَعِيشُ منه بِرَغْدِ!

وحيدةٌ أنْتِ.. شِلْوٌ

من بعد عِزَّ ومَجْدِ!

لا يَشْتَهِيها فَيَصْبو

إلى القَذى غَيْرُ وَغْدِ

قد كنْتِ نَجْماً وَضِيئاً

لِكُلِّ غَوْرٍ ونَجْدِ!

حَسَدْنَكِ الغِيدُ وَجْداً

كَمِثْلِ حَدَِّ الفِرِنْدِ!

وقُلْنَ لْيسَتْ بِنِدَّ

فأنْت أعْظَمُ ندِّ!

ونحن نَجْزِيكَ وُدّاً

إذا أَرَدْت بِوُِدِّ !

بل سوف نَجْزِيكَ وَصْلاً

وقد جُزِيتَ بِصَدِّ!

نَحْن الحِسانُ اللَّواتي

في الرَّوْضِ أَنْضَرُ وَرْدِ!

وقد شُغِفْنا بِشِعْرٍ

يشفي الصُّدورَ ويُسدي!

كأَنَّه شَدْوُ طَيْرٍ

كأنَّه طَعْم شَهْدِ!

وقد يكونُ نَذِيراً

كَمِثْلِ بَرْقٍ ورَعْدِ!

خُذْ قِمَّةَ الحُسْنِ واتْرُكِ

ما كانَ منه كلَحْدِ!

المُلْهِماتُ كَسَوْنَ

القَريضَ أَجْمَل بُرْدِ!

وقد كَساهُنَّ بُرْداً

فَرُحْنَ منه بِخُلْدِ!

فاصْدَحْ بِشِعْرِكَ فينا

يا شاعراً مِن مَعَدِّ..!

فإنه لِسُمُوَّ

يَقُودُ .. لا لِتَردِّي!

والشاعِرُ الحُرُّ يأْبَى

إلاَّ قَبُولَ التَّحَدِّي!

وقد تَحَدَّتْكَ يوماً

فَجاوزَتْ كُلِّ قَصْدِ!

فأَلْقِها في حفير

فإِنَّه خَيْرُ حَدِّ…!

ما مَنْ يَتِيهُ بِمَجْدٍ

كمن يَتِيه بِنَهْدِ!

وقد سَمِعْنا حَدِيثاً

يُشْقي النُّفُوسَ ويُرْدى!

يَقُولُ كانت غزالاً

فأَصْبَحَتْ مِثْلَ قِرْدِ!

فلا اسْتَقامَتْ بِهَزْلٍ

ولا استقامَتْ بِجِدِّ!

فَصَدَّ عنها هُواةً..

من كُلِّ حُرِّ وَعَبْدِ!

قالت لهم ما اعْتَراكُمْ

مِن بَعْد حُبِّ وَوَجْدِ!

كُنْتُمْ لدَيَّ جُنوداً

يَخْشَوْنَ صَدِّى وبُعْدي!

صَرْعى هَوايَ جُثِيّاً

ما تَسْتَطيلون عِنْدي!

تَرَكْتُموني ورُحْتُمْ

عَنِّي. فأصْبَحْتُ وَحْدي!

كُنْتُمْ خِرافاَ ضِعافاً

فكيف عُدْتُمْ كأُسْدِ؟!

قالوا لها. قد وُقِينا

من شَرِّ ذاك التَّعَدِّي!

من شَرِّ حُسْنِ هَصُورٍ

ما إنْ له مِن مَرَدِّ!

عِشْنا نُفَدِّيه دَهْراً

وما نَراهُ يُفَدَِّي!

وقد بُلِنا بِنَحْسِ

وما بُلِينا بِسَعْدِ..!

قالت خَسِئْتُمْ فأنْتُمْ

بُغاةُ مَكْرٍ وكَيْدِ!

وسال دَمْعٌ غَزيرٌ

منها على كُلِّ خَدِّ!

قالَتْ تَمَنَّيْتُ أنِّي

قد لُذْتُ يَوْماً برُشْدي!

فلم أَرُعْهُ بِصَدٍّ

ولم أرُعْه بِحَصْدِ!

قد كان سَدّاً مَنِيعاً

وقد عَبَثْتُ بِسَدِّي!

وكان وعْداً جَميلاً

فما وَفَيْتُ لِوَعْدي!

هذي حكايةُ سَيْفِ

لم يَسْتَقِرَّ بِغِمْدِ!

فَغِمْدُه كان هَشّماً

ولم يكُنْ بالأَشَدِّ!

والسَّيْفُ كانَ رَهِيفاً

يَسْطُو بكفِّ وزِنْدِ!

وما يَقُومُ وِفاقٌ

ما بَيْن ضَعْفٍ وأَيْدِ!

ولم أكُنْ بِغَوَيِّ

أوْ كُنْتُ أَزْهو بِجدِّي!

بل كنْتُ أزْهو بِرُشْدي

وشيمتي. وبرفْدي!

ولم أُضِلِّ فأُشْقِي

لكِن أُعِينُ وأَهدي!

يا غادتي. لن تُراعِي

مِنِّي بِكَيْدٍ وحِقْدِ!

لن تَسْمَعي غَيْرَ شُكْرٍ

على الصُّدودِ وحَمْدِ!

فَلِي لِسانٌ عَفِيفٌ

فيما يُعِيدُ ويُبْدي!

ولي يَراعٌ طَهْورٌ..

سَما بِجَزْرٍ ومَدِّ!

لم يَسْط يَوماً بِسَهْوٍ

أَوْ يَسْطُ يَوْماً بِعَمْدِ!

فَعُنْصُري مِن عَبِيرٍ

زاكٍ بِعُودٍ ونَدِّ..!

قد كانَ وِرْدي فُراتاً

عَذْباً.فَطِبْتُ بِوِرْدي!