الجسد والروح

كيف أَلْقاكِ غداً يا حُلْوتي

وأنا مُعْتَكِفٌ خَلْفَ الوَصيدْ؟

كيف .. والدَّمْعَةُ تَتْلو آهَتي

والمنى تَنْثالُ في خَصْرٍ وجِيدْ؟!

***

أَفَتَغْدوا واقِعاً تلك المُنى؟!

فأَراني راكِضاً فوق السَّحابْ؟!

وأَرى الطَّلْعَةَ مِن ذاتِ السَّنا

فَأَرى الوابل مِن بَعْدِ السَّرابْ؟!

***

يا لَ قَلْبي من جَرِيحٍ نابِضٍ

بِهَوىً يَقْسُو عليه.. ويَلِينْ!

يتراءى كسحابٍ عارضٍ

ثم يَنْأى .. وهو بالَغوْثِ ضَنِينْ!

***

غائِباً بِضْعَ سِنِينٍ يا لَهُ

من هَوىً يَشْغَفُني ثم يَشيحْ!

غالَ.. والقَلْبُ يَرى مَن غالَهُ

بَلْسَماً يُشْفِي. وحُباً يَستَبِيحْ!

***

قلْتُ يا قَلْبُ .. أما يَثْنِيكَ ما

راعَ ما أَسْقاكَ مِن مِلْحٍ أُجاجْ؟!

هو نَصْلٌ ما اشْتَهى إلاَّ الدَّما

مِنْكَ . وانْسَلَّ وما ترْجو العِلاجْ؟!

***

قال ما أَرْجُوهُ.. إنَّ الأَلَما

هو نَجْوايَ . وإِلْهامي .. وَوَحْيي!

شَحَذَ الفِكْرَ.. وأَذْكى القَلَما..

فهو بَعْد الظَّمَأ الحارِقِ رِبِّي..!

***

كنْتُ أَهْذي حِينَما أَمَّلْتُ وَصْلي

مِنْه. كُنْتُ الطِّفْلَ يَهْفُو للرَّضاعْ!

هو قد يحلو. وقد يُثْمِلُ عَقْلي..

ثُمَّ يَتْلُو ثَملي منه الصُّداعْ!

***

تشْتَهي نَفْسي القِلا راضِيةً

وهو يُصْلِيها بِسُهْدٍ وعذَابْ!

وتُجافي وَصْلَها مُغْضِيَةً

عن لُهىً آلاؤُها تُخْفي التَّبَابْ!

***

هي نَفْسٌ أَلِفَتْ أن تَمْتَطي

صَهْوَةَ المَجْدِ. وإن كانَ حَرُونا..!

قالَتِ الشُّهْبُ لها لا تَقْنَطِي

وارْكَبي الصَّعْبَ. ولا تَخْشِي المَنوُنا!

***

فاسْتَجابَتْ . وارْتَأَتْ أَنَّ الهَوى

أَلَمٌ يُشْجِي. وفَنٌّ يَسْتَجِيبْ!

وهي في الأَوْجِ اشْتَطَّ النوَّى

تَتَملىَّ جَوْهَرَ الكَوْنِ العَجِيبْ!

***

وهي في الدَّرْكِ إذا الحُبُّ ارْتَوى

مِن رُضابِ الحُسْنِ ما يَنْدَثِرُ..!

يا لَهُ مِنْ َمْنهَلٍ يَشْفي الجَوى

ثم يُغْثِي .. ويَسُوءُ الصَّدَرُ!

***

قال لي .. إنَّ حَبِيبي قَمَرٌ

قُلْتُ قد يَسْخَرُ مِنْكِ البَصَرُ!

فَتَراهُ بعد حين تائِهاً

حينما يَخْسِفُ هذا القَمَرُ..!

***

عَرَكَ الدَّهْرُ شُعوري والحِجا

فَرَأَيْتُ الجَسَدَ الحالي.. رُفاتا!

حُسْنُهُ ضَوْءٌ يُغَشِّيهِ الدُّجى

وهو صَحْوٌ نَرْتَجَي منه السُّباتا!

* * *

ولقد يَحْلُو لنا سُلْوانُهُ

حينَ ما نَبْلُغُ مِنْه الوَطَرا!

ولقد تبدو لنا أفْنانُهُ

عَوْسَجاً نَأْخُذُ مِنْه الحَذَرا!

* * *

ورأَيْتُ الرُّوحَ رَوْضاً عابِقاً

بِزُهُورٍ .. وثِمارِ.. ومَناهِلْ!

كُلَّما جِئْتُ إليه طارقاً

قُلْتُ ما أَحْلاكِ يا هذي الشَّمائِلْ!

***

فيه نَهْرٌ أَرْتَوِي مِنْه.. ونَخْلٌ

أَجْتَنِيهِ.. ونَسِيمٌ وبَلابلْ!

ههُنا الحُسْنُ الذي يخبو ويَحْلُو

وهُنا العِزِّةُ تَغْلُو.. والجَلائِلْ!

***

بَعْد هذا الحُسْنِ يُشْجي بالرُّؤى

والأمانِيِّ .. أَراني ثَمِلا!

ما أُبالي مَن دَنا.. أَوْ مَن نأى

فلقد عُفْتُ الهوَى والغَزَلا!