الذكريات

ذكرياتي تُمزِّقُ مِن قَلْبي

وتُشْجي حِسيِّ الرَّهيفَ ولُبِّي!

أيَّها اسْتَعْرضَ الضَّمِيرُ تبدىَّ

شَرِساً.. حانِياً.. مُشِيحاً.. مُلبِّي!

يا لَها مِن دياجِرٍ يَبْزَغُ النُورُ بأطْرافِها.. فأُبْصِرُ دَرْبي!

ولقد تَطْمِسُ الدَّياجي سنا النُّورِ فأسْرِي على ضَلالٍ ورُعب!

ربما صِرْتُ من رُؤاها كطَيْرِ

وادِع.. أو مواثِبا مِثْلَ ذِئْبِ!

قد يكونُ الحبيبُ منها كَرَوْضٍ

ويكونُ الرَّهِيبُ منها كجُبِّ!

أسلمتْني حِيناً إلى الفَرَحِ الحاني

وحينا إلى اكْتِئابٍ وكرْبِ!

يالَ حِسِّي الذي يُؤَجِّجُ ناراً

في حَناياي.. من بِعادٍ وقُرْبِ!

لتَمنَّيْتُ أن أكونَ كصَخْرٍ

ما تَلَظَّى ولا أنْتَشى بالتَّصبِّي!

أَوْ كبَعْضِ مِمَّنْ أرى.. وهُمْ الكَثْرَةُ يَشْدُونَ من أُهَيْلي وصَحْبي!

لَيْتَني مِثْلَهم. فما كنْتُ أَشْقى

كَشَقائِي هذا يَشُقُّ كَعَضْبِ!

إنَّ بعض الغَباءِ بَعْضٌ من

النِّعْمةِ يا لَيْتَني أعِيشُ كَسِرْبي!

فأنامُ اللَّيلَ الطَّويلَ ولا أَشْقى بِسُهدٍ. وإنْ أَكُنْ غيْرَ صَبِّ!

كم تَخَيَّلْتُ والِدَيَّ.. يُحيلان خَسارِي إلى رَباحٍ وكَسْب!

فَهُما يَسْبِقان طَرْفي إلى الخَيْرِ

بإيثار عاطِفَيْن.. وحُبِّ!

فإذا ما اشْتَكَيْتُ مَسّاً من الضُّرِّ

شَكَوْا مِثْلَهُ.. وضاقُو بِرَحْبِ!

وهَمَتْ مِنْهُما الدُّموعُ فَوَيْلي

بالذي يّذْرِفان منه.. وحسبي!

وتّذّكَّرْتُ إخْوَتي.. وكُنَّ . وكانُوا

كنَميرٍ بَرْوِي الظَّمأ ويُسْبي!

ما أُحَيْلى أَصْواتَهُمُ. وهي تَشْدُو

بافْتِخارٍ إذا نَعِمْتُ. وعُجْبِ!

فَكأَنِّي نعماؤهم.. رَحِمَ الله رَعيلاً مِنْهم. ولم أَفْضِ نَحْبي!

***

وتَذكَّرْتُ ثُلَّةً مِن رِفاقٍ

كلُّهمْ نِعْمَةٌ من الله رَبِّي!

كالرِّياضِ التي تَضُوعُ بِنَفْحٍ

مِن زُهُورٍ تَظَلُّ تَخْتالُ جَنْبي!

وثِمارٍ تُغْنِيكَ عن كُلِّ رَطْبٍ مِن

شَهِيِّ الطَّعام. أَوْ عَذْبِ شُرْبِ!

عِشْتُ ما بَيْنَهُم سعِيداً.. وعاشُوا

سُعداءً بِصَفْوِ وُدِّ وعَتْبِ!

خَلَّفوني من بَعْدِهمْ في اشْتِياقٍ

فَفُؤادي بِهِ حَزِينٌ. وهُدْبي!

***

ذِكْرَياتي أَنْتُنَّ فِرْدَوْس نَفْسي

حِين أَلْقى بِكُنَّ حُبِّي المُوّلِّي!

وجَحِيمي إذا بِكُنَّ تَذكَّرْتُ

بَلاءً أَزْرى بِحِسِّي وعَقْلي!

غير أنّي أهْفو إلَيْكُنَّ باللَّيْلِ

ففيه الشُّجونُ بالصَّدْر تَغْلي!

إنَّ عِلْمي بالناس أصبح يغتال

ضَميِري. فأشْتَهي اليوْمَ جَهْلي!

رُبَّ ماضٍ ذَكرْتُهُ فتذكَّرْ

تُ رِجالَ العُلا. ووَقْتَ التَّجلِّي!

شَدَّ ما أَشْتَهي الرَّحيل فَبَعْدي

لم يَعُدُ يَرْفَعُ اللِّواءَ كقَبْلي!

ليس كُلُّ النَعْماءِ تُرْضي حًَنايايَ

فَبَعْضُ النَّعماءِ حَظُّ العُتُلّ!

وأَنا لَسْتُ بالعُتُلِّ وما أَرْضى

بِعَيْشٍ يَطْوي المُضيءَ سِجِلِّي!

إنَّني أَبْتَغِيهِ عَيْشاً كريماً

ولَئِنْ كانَ في افْتِقارٍ ومَحْلِ!

ربَّ عَيْشٍ على الرَّغادةِ والنُّعْمى كَرِيهٍ بِخِزْيِهِ والتَّدَلِّي!

***

يا فتاتي التي تُضيءُ طَرِيِقي

أَرْقِبيني فقد توسَّدتُ رَحْلي!

مَجِّدِ اللهَ يا ضَميري. فقد

عِشْتُ بِقَوْلي مُحَرَّراً. وبِفِعْلي!