الملهمة

لمَّا رأّيْتُك في المَنام

رأَيْتُ أحْلامي الغَوالي!

تلك التي كانتْ تُريني

جَنَّتي بَيْن الرِّمالِ!

كانتْ حياتي كالرّمالِ

جَديبةً جَدْبَ الخَيالِ!

فلقد حُرِمتُ من الخيالِ

كما حُرِمْتُ من الوِصالِ!

كالجَلْمَدِ المُتَحَجَّرِ المَنْحُوتِ مِن صُمَّ الجِبالِ!

يَطْوِي اللَّياليَ في عَمَاوَتِهِ وتَطْويهِ اللَّيالي!

أَدْمَتْه أَشتاتُ المقادِرِ بالسَّهام وبالنَّصالِ!

ورأى الرِّجال تُغادِرُ

الدُّنْيا لأَشْباهِ الرِّجال!

بَقِيَ الزَّعانِفُ يَمْرَحُونَ

وراحَ أَصْحابُ الخِلالِ!

ورأى الرَّشادَ يَغُولُه

ويَصُدَّ عنه أُولوا الضَّلالِ!

هذا . وقد كانتْ طُفُولَتُه

تَئِنُّ من التَّيَتَّم والكَلالِ!

فَحَبا إلى عَهْد الشَّبابِ

حُطامَ أحمالٍ ثقالِ!

أَبواهُ قد رَحَلا ولم يأْنَسْ بعَمَّ أو بِخالِ!

فَمضَى يَشُقُّ طريقه

شَقَّ المُؤَمَّلِ في المُحالِ!

يَطْوِي الفيافيَ في الهَجِيرِ

بلا غديرٍ أَو ظِلالِ!

ويرى الرِّفاق.. عَنِ اليَمينِ

طَرِيقُهُمْ .. وعن الشَّمالِ!

فَرَشَتْهُ أَنْواعُ الأزاهِرِ

والجداول والغِلالِ!

يَتَرنَّمُونَ .. ويهزجون

بلا لُغُوبٍ واعْتِلالِ!

ما ساءَهُمْ حالٌ أراح

ولن يُساؤوا بالمآلِ!

وأَنا اللَّغُوبُ .. كأنَّما

عَلِقتْ بأقدامي حِبالي!

ما أَشَتْكِي.. ولَئِنْ شَكَوْتُ.. أماتَني شَرفُ النَّضَالِ!

ولِمَنْ؟! وحَوْلي كالذَّبابِ

الطُّلسِ مُطْلَقَةِ العِقال!

يَطْوُونَ أَحقاداَ عَلَيَّ

تَضِيقُ بالسَّحْر الحَلال!

هذا هو السَّحرُ الذي

سَحَرَ الأَواخِرَ والأَوالي!

ويُنيلُه الغِيدُ الحِسانُ

بِكُلَّ أَشْتاتِ النَّوالِ!

يَهْوى الجَمالَ فَتَسْتَجِيبُ

له أفانِين الجمَالِ!

فالحُسْنُ يَسْعَدُ مِن قَصائِدِه القِصارِ أو الطَّوالِ!

خَلَدَتْ به هِنْدٌ

ولام تلْقَ الرَّبابُ سِوى المِطالِ!

كم سُرَّ بالحُسْنِ الظَّهورِ

وسِيءَ بالحُسْنِ المُذالِ!

***

يا أَنْتِ .. يا لَيْلايَ

يا أَلَقاً يُضِيءُ كما الهِلال!

يا أَنْتِ.. يا حُلُمي السَّعيدُ

وفَخْرُ رَبَّاتِ الحِجالِ!

أَكْرِمْ بِلَيْلَتِة الهنيئةِ

مَن غَدَتْ خَيْرَ اللَّيالي!

أَسْعَدْتِ من بُؤْسي الطُّفُولَةِ والشَّبابِ. فما أُبالي!

وغَدَوْتِ في شَيْبي السَّلاحَ

المُنْتَضى يَوْمَ النَّزالِ!

وحَلَلْتِ مَوْهِبَتي

فَرُحْتُ أَجُودُ بالدُّررِ الغَوالي!

مِن بَعْدِ دامِيةِ القيود

وبَعْدِ ضائِقةِ الخَبَالِ!

أَنتِ الجمالْ لنا وإلاَّ

لَيْسَ نَحْفَلُ بالجَمالِ!

فهو الجلاَلُ على ذُراهُ

الشُّمُّ يَرْفُلُ.. في دَلالِ!

لَغَدَوْتِ فِكْري والشُّعُورَ

بخير ما تَحْوِي سِلالي!

ثَمَرٌ وأزهارٌ وغدران

يُفِضْنَ من الزُّلال

أًَعْجَزْتِني . فأنا العَيِيُّ

فَلَيْسَ يَجْزِيكِ مَقَالي!

ماذا أَقُولُ؟! فلا جَوابَ

لَدَيَّ عن هذا السُّؤال؟!