الوحي والجمال الطهور

لا تَلومي على هوايَ. فقد كنتُ

طَهُوراً. وأنْتِ مِثْلي طَهورُ

ولقد لُمْتُهُ فَعاصى ولم يُضْعِ

إلى اللَّوم .وازْدهاهُ الغُرورُ!

فَدعِيه يَحُمْ حَواليْكِ يا بَدْرُ

وهيهَاتَ أَن تنُيلَ البُدورُ!

قُلتُ يا قَلْب ما أراكَ بصاحٍ

فاسْتَفِقْ فاللَّسانُ عنها حَصُورٌ!

فهي حُورِيةٌ إذا ملا تَبَدَّتْ

بانَ منها نُورٌ وفاحتَ عُطورٌ!

أَتُرَاها من عالَمِ الخُلْدِ جاءَتْنا

فَتَشْفِي قُلوَبنا .. وتَحُورُ؟!

كلُّ ما نَجْتِلَيهِ منها من الحُسْنِ

أساطِيرُ تَسْتَبى وتُثِيرُ!

فتْنَةٌ صاغها الله لِلْعَيْنِ.

ولِلْقَلْبِ. أَيْنَ مِنها النَّظِيرُ!

ظَلَّ منها فِكْري الشَّغوفُ

يُناجِيها بإلهامِها. وظَلَّ الشُّعُورُ!

يالَ هذا الإِلْهام ظَلَّ فُتُوحاَ

لِلْقوافي كأنَّهُنَّ طُيورُ!

سابِحاتٍ في الجَوَّ تَشْدو بألْحانٍ

عذاب تَذُوبُ منها الصُّدورُ!

فهي حِيناً بَلابِلٌ شَجْوٍ

عَبْقَرِيَّ الصَّدى . وحِيناً صُقُورُ!

هذِهِ. هذِهِ التي تَصْقُلُ الرُّوحَ

فَيَعْلو مُحَلّقاً لا يَغُورُ!

نَفَثَتْ فِيَّ ما أَصُوغُ من الشَّعرِ

لُباباً.. تَنُوحُ منه القُشُورُ!

فَسُطورٌ منه تُعادِلُ أسفاراً

ثِقالاً.. وتَقْتفَيها سُطُورُ!

وإذا الحُسْنِ كانَ فِينا كهذا

كان شِمْساً تُنِيلُنا وتُنِيرُ!

راعَني ما أَراه منها وأَعلانِي

مَقاماً. فكِدت منه أَطِيرُ!

***

يا جَمالاً لدى الغَواني رَخيصاً

غاصَ في الدَّرْكِ فهو عانٍ حَسِيرُ!

فالغَواني يَنْفُرْنَ حِيناً. وإنْ

كانَ كِذاباً صُدودُهُن الغَرُورُ!

إنَّما يَصْدُقُ النُّفُورُ مِن الحُسْنِ

أَبِيّا .. يَزْدانُ مِنه النُّفُورُ!

والعَفَافُ، العَفافُ يُغْلِيكَ لو

كنْتَ حَصِيفاَ لا يَزْدهِيكَ السُّفُوْرُ!

والفَتُنُ المُثِير لَيْس ثُغُوراً

حالياتِ تَهوِىْ عليها الثُّغورُ!

أوْ قُدُوداً كُلَّ هذا. فما أَجْدَرَ

هذا أَنْ تَحْتَويِه الخدُورُ!

ما عدا أنْ يَكُن بَرْزاً إذا كانَ

طَهُوراً يزْدانُ منه الحُضُورُ!

مِثْلَ ما كُنَّ سيَّداتٌ جَليلاتٌ

بِماضِ تَعْتَزُّ منه الذُّكورُ!

كُنَّ نوراً يهدي. وعلماً يجلي

في ذُرَىً لم يَصِلْ مَداها النُّسورُ!

لم يَزَلْ ذِكْرُهُّنَّ فَخراً.. وما

أَخْلَدَ ذِكْراً يطيب منه الفَخُورُ!

***

يا فَتاتي .. يا رَبَّةَ الحُسْنِ والطُّهْرِ

عَداكِ الجَوى. عَداكٍ الثَّبُورُ!

أنْتِ كرَّمْتِني فأوْرَثْتِني المَجْد خَصِيباً تَمِيسُ فيه الزُّهُورُ!

أنا في الرَّوضِ . والغَيارى من

الرَّوضِ كِثارٌ .. جَنادِلٌ وصُخُورُ!

وبِعالي الصُّروح تَشْمَخُ بالعِزَّ

وتؤْوى المُشَعْوذينَ الجُحُورُ!

ما اعْتراني الفُتُورُ يَوماً عن

الشَّعرِ بِوَحْى ما يَعْتَرِيهِ الفُتُورُ!

كيف أَجزِيك؟! كيف أَطرِيِكِ يا

هذي.. عَساهُ يُطيعُني المَقدُورُ!

ما أَراني بالخُلْدِ هذا جَدِيراً

إنْ عَصاني فَنال مِنَّي القُصُورُ!

لَسْتُ يا فِتْنَتِي جَحُوداَ ولكِنَّي مُقِرُّ بما أَنَلْتِ قَريرُ!

ليس إلاَّ الكَفُورُ من يَجْحَدُ

الفَضْلَ لِراعِيهِ. لَيْسَ إلاَّ الكَفُورُ!

إنَّني الضَّارعُ الحَفِيُّ. ومَغْناكِ

وما فيه .. نِعْمَتي والحُبُورُ!

طابَ يَوْمي وطاب أَمْسي بما نِلْتُ

وطابَتْ مَعابِري والجُسُورُ!

فاذْكُريني فإنَّ ذِكْراكِ قُوتٌ

يَتَغَذَّى مِنْه الحِجا والضَّميرُ!