تهاويم

إحْذَريني. فما أبالي وقد طالَ دلالُ الهوى .. انْصرافَكِ عنَّي!

إحْذَريني. فقد سَئِمْتُ من الدَّلِّ

وأَمْسَيْتُ لا أّطِيقُ التَجَّنِّي!

إحذريني. فقد غَدَوُتُ عَيُوفاً

يَضَعُ الزُّهْدَ في مكانِ التَّمَنِّي!

إحْذَريني.فقد أعُودُ عَصَوفاَ

بعد فَرْطِ الحَنانِ. ممن سُوءِ ظَنِّي!

يا لَها مِن مَعاركٍ أَذَنَتْني

بانْدِحارٍ في الحَرْبِ. مِنْكِ. ومِنِّي!

كيف يَهْوي الحُبُّ المكينُ بِقبلبٍِ

ضالِع في الهوى . إلى دَرْكِ ضَغْنِ؟!

ضاعَ لَحْني الذي تَغَنىَّ زَماناً

بهوانا.. فما أَطِيقُ التَّغَنِّي!

وغدا حائِرا.. وكانَ قَويّاً

ولأَنتِ التي ابْتَلَتِ بِوَهْنِ!

***

إحْذَريني.غَداً فقد يُنْبِتُ الشَّوكَ تُرابي حِيناً. ويُنْبتُ زَهرا!

واذكري أنَّكِ ارتَوَيْتِ.. وما زِلْتُ ظَمِئاَ. فَرُحْتِ بالنَّصْرِ سَكْرى!

لا تَظُنِّي الرَّوْضَ النَّضِيرَ سَيَبْقى

مُخْصِباَ. والسَّحابُ يَشفِيِهِ غَمْرا!

لا تظني هذا . فقد يُصْبِحُ الرَّوضُ جَدِيباً.. ويُصْبِحُ الحُلْوُ مُرَّا!

إنَّ حُبِّي الظَّمِىءَ بعد تَجَنِّيك

سَيَبْني إلى الملاحِمِ جِسْرا!

وسيَتْلُو من الملاحِم ما يُشْجِيِ

نَثِيراً من الكلامِ وشِعْرا!

وسيَغْدو فَوْقَ الذُّرِى وحوالَيْهِ أُلُوفٌ من المفاتِنِ تَتْرى!

كُلُّها تَجْتَبِيهِ.. فالعَلَمُ الفَرْدُ

جديرٌ بالحُبَّ صَفْواَ.. وَطُهْرا!

***

وسَتَبْقِينَ بَيْنَ أَقْزامِكِ الغُلْفِ

وقد أَصْبَحَ الخُلودُ بَعيدا!

ولقد كانَ في يَدَيكِ فأمْسى

نائِياَ.. نائِياً.. يَصُونُ القَصيِدا!

واحْتَوَتْهُ الحِسانُ يُمْلِي عَلَيْهنَّ

من الغَالِياتِ دُرّاً نَضِيدا!

في ظِلالٍ من الخمائِلِ يَعْبقُن

بعِطْرٍ.. ويَسْتَطِبْنَ النَّشيدا!

رَدَّدَتْ زَيْنَبٌ وهِندٌ أغانِيَّ

وقد نَهْنَهَ الهوى التَّغْرِيدا!

قاَلتا في انْتِشائَةٍ أَطْرَبَتْني

ليْتَ هذي الحياةَ تُعْطِي المَزِيدا!

أَوْرَقَتْ في صُدورِنا ونَمَا الزَّهْرُ

بها واسُتُحالَ عَيْشاً رَغيدا!

ليْتَ هذا الفِرْدَوْسَ يبْقى مدى

العُمْرِ. فما أَرْوَعَ الجَنى والحَصِيدا!

***

وتَتَاَلتْ عليّ في الرَّوْضِ أسْرابٌ

من الغِيدِ.. كلُّهُنَّ فُتُونُ!

يَتَحَلَّيْنَ بالعَفَافِ وبالكِبْرِ اعْتِزازاً.. فالحُسنُ غالٍ مَصُونُ!

رُعْنَني فانْبَرَيتُ أَطرِي فَصَفَّقنَ

وأّذْكَتْ قُلوبُهُنَّ الشَّجونُ!

قُلْنَ لي أيُّها الهزارُ تَرَنَّمْ

بشَوادِيِكَ. لا طَوَتْكَ المَنُونُ!

فارْتَوَيْنا مِن بَعْد طُولِ جَفافٍ

واسْتَقامَتْ بعد الْتِواءٍ غُصُونُ!

وسَمِعنا الشِّعْرَ الطَّرِيفَ ومِن

قَبْلُ تَعاوتْ على السَّماع المُجُونُ!

أفَسِحْرٌ هذا. وإلاَّ بَيانٌ

رائعٌ؟أوْ شوامِخٌ وحُصُونُ؟

شَهِد الله أنَّ هذا يَقيِنٌ

تتهاوى به. وتَشْقى الظُّنُونُ!

***

قُلْتُ سُقْياً لَكُنَّ أّيَتُها الحُورُ

ورَعْياً..فإنَّني لَسِعيدُ

شاقَني تَالِدي فلمَّا بَدَوْتُنَّ

توارى عن الطَّرِيفِ التَّلِيدُ

ومن القُرْبِ من حِماكُنَّ أّحْسَسْ

تُ بدِفْءٍ يَذّوبُ منه الجَلِيدُ

ما أُحَيْلى هذه الحياةَ إذا طابَتْ

فأقْصى الغَوِيَّ منها الرَّشِيدُ

***

كم جَدِيدٍ من الحياةِ .. قَديمٌ

وقَديمٍ مِن الحياةِ .. جَدِيدُ

هو سِرُّ الغَيْبِ المُسَرْبَلِ بالحُجْبِ

وسِرٌّ على العُقُولِ عَنِيدُ..

شَفَّني أَنْ عَجِزْتُ مِنه عَن الفَهـ

مِ وما شَقَّهُ بَلائِي الشَّديدُ

أيُّها الغَيْبُ . أَنَتْ نُعْمَى . وما نَدُرِي

وأَوْلى أنْ يِسْتَعِزَّ الوَصيدُ!