حكاية هند وليلى

كَرَّمِني يا حُلوتي _ كرَّم الله

نَداكِ_ بالصَّدَّ لا بالوصالِ!

إنَّ في الصدَّ حِكْمتي وانْبِعاثي

لِقَوافٍ تُعيي كبارَ الرِّجالِ!

وأرى فيه نَشْوتي وانْصِهاري

بِعذابٍ يُفْضي لشُمَّ العواليِ!

لّذَّتي في العذاب هذا .. فَكُوني

لي عَذاباَ يَقُودُني لِلمعالي!

***

يَا فَتاتي .. ما أَعْذَبَ الأَلَمَ الصاهِرَ

أَطوى به كريمَ اللَّيالي!

إنَّ حُسْنٌ مُجَلَّلٌ بالأساطيرِ

اللَّواتي يُلْهِبْنَ مِني خَيالي!

أَتَمَلَّى به الزَّمان الذي وَلَّى

وأَعطى به كريمَ النَّوالِ!

كُنْتِ لي بَلْسماً إذا انْتَفَضَ الجُرْح

حَباني الشَّفاءَ قَبْلَ السُّؤالِ!

وأنا اليَوْمَ ذو جراحٍ شَتيتاتٍ

وفِيهنَّ قُوَّتي وصيالي!

لم أعُدْ بالوصال أَحْفَلُ إلاَّ

حينما أجْتلَي به القوافِي الغَوالي!

قَلَّما أَجْتَلي .. ولكِن صَدَّي

يَتَجلى يَومَ الخُطوبَ الثَّقالِ!

***

ما أُحَيْلى كرامتي فهي بالوَصْلِ

تُعاني من اتَّقاءِ النَّضالِ!

وهي بالصَّدَّ لا تُعاني .. وتَجْني

من بَساتِينِهِ شَهِيَّ السَّلالِ!

***

فاذْكُريني يا هِنْدُ إنْ ضَمَّكِ

الحُبُّ بِمَجْلىً مُزَيَّنٍ بالجَمالِ!

ما أَراني أَظُنَّه مِثْلَ مَجْلايَ

فَهَيْهاتَ مِثْله من مَجالي!

***

وإذا رَتَّلَ النَّدامى العَواني

آيَ أَشْواقِهم لِحُلوِ الدَّلالِ!

فاذْكُريني . فَلَن يكُون كَتَرْتِيلي

فَلَيْس الضَّرغامُ مِثْلَ السَّخالِ!

كُنْتِ مِثْلَ الفِعالِ غُرّاً تُوالِينَ

ثَناءً على كريم المقالِ!

وتَقُولِينَ.. أَنتَ يا نَجِييَّ فَريدٌ

من مزاياكَ رِفْعَةً. والخِلالِ!

لم أَكُنْ يَوْمها أرى الغيدَ إلاَّ

عِفَّةً تَزْدهي بِخَيْرِ عقالِ!

فهو من الأَوْجِ إنْ يَكُنْ طاهِرَ الذَّيل فَطُوبى لطاهري الأَذْيالِ

وهو في الدَّرْكِ إنْ يَكُنْ قَذِرَ

الذَّيْلِ لَعُوباً يَخُوضُ في الأَوْحالِ!

***

شَدَّني في الشَّبابِ لِلْحُسنِ طَبْعٌ

ما يرى في هَواهُ غَيْرَ الضَّلالِ!

يَتَصَدَّى له حَراماَ .. حَلالاَ..

والهوى خَيْرُ زادِهِ في الحَلالِ!

كنْتُ فيه رِئْبالَهُ ما أُبالي

بنصال منه .. ولا بِنِبالِ!

وجِراحي به تَنِير فما أَشكو

كيف تَشْكو ضَراوةُ الرِّئْبالِ؟!

والغَواني حَوْلي يُؤَجَّجْنَ لَهْوِي

ويُبارِكْنَ_ وَيْلَهُنَّ_ خبالي!

وَتَمَرَّسْتُ بالخلاعَة حتَّى

ضِقْتُ ذَرعاً بِصَبْوتي وانْتِهالي!

فَهُما السَّجْنُ في الهوى ودَواعِيه

وأَنْكى مَن أَْوثَقِ الأَغْلالِ!

وتَبَدَّى الهُيامُ لي كالحَ الوَجهِ

كشَيْطانِهِ شَدِيدَ المِحالِ!

وَتبَدَّتْ لَيْلى كَبدْرٍ وَضِيءٍ

دعِياً لِلسَّلامِ. لا لِلْوبالِ!

داعِياً لِلْوصالِ أَحْلى من الشَّهْدِ

بَرِيئاً من الخَنَى والسَّفالِ!

كالزّلالِ العَذْب اسْتوى بَيْن رَوض

عَبْقَريَّ. وبَيْن بَرْدِ ظِلالِ!

فيه شَتَّى من الأزاهيرِ تَسْخُو

بِعَبير يَشْفي من الاعْتِلالِ!

وثمار يَحْلو جَناها ولكِنْ

هي أغْلا من نادِرات الَّلألي!

***

قُلْتُ.. يا قَلْبُ ههُنا الحُبُّ والحُسْ

نُ تسامَتْ عن جَفْوةٍ ومَلالِ!

وتسامَتْ عن اللُّغُوبِ.. فلن تَلْقى

وَنىً من رِحابِهِ.. أَو كَلالِ!

جَلَّ رََّبي.. ففي البُكور أُلاقي

وَحْيَ رُشْدي منه. وفي الآصالِ!

أنا مِنْه في جَنَّةٍ وَشْيٍ

وظِلالٍ تُحِي بِسِحْرٍ حلالِ!

إنَّ لي في الأواخِرِ اليَومَ ما لَم

أَلْقَهْ قَبْلُ في السنين الأَوالي!

فالعَصِيُ .. العَصِيُّ أَمْسى مُطِيعاً

من قوافٍ رَطيبَةٍ كالدَّوالي!

وحَياتي شِعْرٌ وحُبٌ. فإنْ زالا

فإِنَّي أَعُودُ كالتَّمثالِ!

لا تَزُولا عَنَّي. فقد تُؤْثِرُ الرُّوحُ

إذا زُلْتما بِوَشْكِ الزَّوالِ!

وأراني في نَجْوةٍ منه فالنُّورُ

يُغشَّي فدافِدي وجِبالي!

***

هو فَضْلٌ من صاحِبِ الحَولْ والطَّوْلِ

وعَوْنٌ من رَّبنا ذِي الجَلالِ!