هي وهو

أَرْخَصَتْ من نَفْسِها يا وَيْحَها

ذاتُ عِرْفانٍ وذَوْقٍ عَجَبِ!

ذاتُ صَوْتٍ طَرِبٍ من نَشْوَةٍ

في حَناياها. وشَوقٍ لَجِبِ!

أنا من أَسْوائِها في رَهَبِ

وهي من أَسْوائِها في رَغبِ!

كلما أبْصَرْتُها رَوَّعَني

حُسْنُها في صُورةٍ من لَهَبِ!

مَسَّني من أَجلِها الضُّرُّ. وما

مسَّها. فهي به في طَرَبِ!

***

كيف يَثْوِي من كِيانٍ واحِدٍ

شَهْوَةٌ تُشْقِي.. وعِلْمٌ يُسْعِدُ؟!

ولقد فكَّرْتُ في هُجْرانِهَا..

وثَناني غَيُّها والرَّشدُ!

فَلَها في القَلْبِ مِنَّي جَنَّةٌ

ولها في القَلْبِ مِنَّي مَوْقِدُ!

حاوراني مَرَّةً واصْطَرَعا

فاسْتَوى أَرْنَبُهم والأَسَدُ!

فاَنا في صَبْوَة مُنْكَرَةٍ

فَرْحَةٌ فيها .. وفيها نَكَدُ!

كيف أَسْلو وأنا مُرْتَهَنٌ

في هَوًى ضَلَّ. ومالي سَنَدُ؟!

***

كيف أَسْلُوا عن لَعُوبٍ سَخرَتْ

بالتُّقى والأَدَب المُستَشْرفِ؟!

يا لها من صَبَّةٍ غانِيةٍ

ذاتِ طَبْع عابِثٍ مُقْتَرِفِ؟!

بُلْبُلٌ يَشْدو بِلَغْوٍ مُتْرَفٍ

لَيْتَهُ يَشْدو بَفَنَّ مُتْرَفِ؟!

آهِ لو تَعْرِفُ ما قَدْرُ النُّهى

عِفَّةً .. لكنَّها لم تَعْرِفِ!

كم تَطَلَّعْتُ إليها هائِماً

ثم أَغْضَيْتُ عن الدَّاءِ الخفي!

***

لَيْس لي عَنْه مَحِيدٌ إنَّهُ

قَدَرٌ يسْلِبُني عِزَّةَ نَفْسي..!

ولقد حاولتُ أَنْ أعْصِيَهُ

أَنْ يَقُودَ الطُّهْرُ وُجْداني وحِسِّي!

فَتَراءى الصُّبْحُ في عَيْنَيَّ لَيْلاً

وتراءَتْ سعَةُ الدُّنيا كحبْسِ!

وتَحَسَّسْتُ طَرِيقي في الدُّجى

فَتَعَّثًّرْتُ. وأَدمى الصَّخْرُ دَعْسي!

كان أمْسِي قَبْلَهَا أَمْساً وَضِيئاً

لَيْتَ يَوْمي.. وهو يُشْقيني .. كأَمْسي!

***

أيُّها القَيْدُ الذي كبَّلَني

أيُّها الجَرْحُ الذي أثْخَنني!

ما أرى في صَفْحتي إلاَّ القَذى

ذلك الشَّيءُ الذي يُثْمِلُني!

وهو أَوّاهِ الَّذي أُسْلِمُهُ

عُنُقي. وهو الذي يُسْلِمُني!

كيف أَشكو من هَوًى طاوَعْتُهُ

وتَهاوَيْتُ . وقد طَوَّعَني؟!

أنا مَن هام فما أَظْلِمُهُ

كذبا .. ثم غَدا يَظْلِمُني!

***

حينما أحْبَبَتُهُ كنْتُ عَمِيّاً

لم أكُن قَطُّ بَصيراً وسَوِيَّا!

والهوى يَجْنِي على أقْدارِنا

فَيُعيدُ الشَّامِخَ السَّامي زَريَّا!

ويُعِيدُ الفَحْلَ يَنْزو ضارياً

ليس يَكْبو في عَوادِيهِ .. خَصِيٍّا!

ولقد أَوْهَنَنَي مُسْتَشْرِياً

فتدلَّيْتِ إلى القاع .. هُويَّا!

ورأيْتُ العِهْر طُهْراً مُحْصَناً

ورأْيْتُ الطُّهْرَ في القاعِ.فَرِيَّا!

***

أَفأَلقى بعد غَيَّي رَشَداَ؟!

أم سأَقْضِي عُمُري في دَرَكِ؟!

قُلْتُ للحْسَناءِ ما أَتْعَسني

بِكِ.. قد ألْقَيتَني في شَرَك!

فأنَا الشَيطانُ من هذا الهوى

بَعد أَنْ كنْتُ كَمِثْلِ المَلِكِ!

فاتْرُكي العِهْرَ إلى الطَّهْر فقد

نَسْتوي من شَجْوِنا في فَلَكِ!

وعسانا نَسْتَوِي في مَنْهَجٍ

لاحِبٍ يُفْضِي بنا لِلنُّسُكِ!