ويختلف الحبان

أشعريني بأنَّ يوْمَكِ كالأمْسِ

حناناً ورِقَّةً وفُتونا!

إنَّني لا أطيقُ مِنْكِ ازْوِراراً

إنَّه يُورِثُ الضَّنى والجُنونا!

ما أُحَيْلى الأيَّامَ تلك وأَشْجاها

فقد شَيَّدَتْ لحُبِّي حُصُونا!

كُنْتُ فيها أَنْسى اللَّذاذَاتِ سِواها.. ولا أَخافُ المَنُونا!

ما أُبالي لا بالحُطامِ ولا المَجْدِ

وأَرْضى قَيدي وأَرْضى الشُّجُونا!

إن حُرِّيتي لَتَشْرُفُ بالرِّقِّ

يَراعاً ومَمْطَراً مَكْنُونا..!

***

هو يُفْضي إليَّ جَهْراً وهَمْساً

بالذي يُذْهِلُ العُقُولَ ويَشْفِي!

بالَّذي يَرْفَعُ الضَّميرَ إلى الأَوْج

ويبدي لها الذي كان يخفي..!

ما يَرى منه كُلُّ قَلْبٍ حَفِيٍّ

أَوْ مِن جَلالِه كُلُّ طَرْفِ!

ما تَخيّرْتُ دُونَ القِمَمَ الشُّمَّ

وأَخْتارُهُ بِدَيْجور كَهْفِ!

إنَّ بَعْضَ الدَّيْجُورِ نُورٌ يُغَشِّيكَ

بِمَرْأىّ يَجِلُّ عن كَلِّ وَصْفِ!

ولقد بانَ ساطِعاً فَتَخَشَّعتْ

فَسَفْحي غَدا رفيِعاً كسقفِ!

***

يا سمائي التي أَنَرْتِ سِبيلي

إجْعَلي النور صاحبي ودليلي!

واجْعَليه إذا سَرَيْتَ نَجِيِّيَ

واجْعَليه إذا لَغِبْتُ خليلي!

هو نُورٌ كأنَّه المُزْنُ يَرْوي

ظَمَأِي في السُّرى ويَشْفي غَليلي!

وهو الرَّوْض بالثِّمارِ وبالزَّهْرِ

غِذاءٌ ونَشْوَةٌ لِلْعَليلِ..!

وهو سِفْرٌ مُجَلَّلٌ بالتَّرانِيمِ

أَراهُ في بُكْرَتي وأَصِيلي!

بَعْدَه. بَعْد أَنْ شغُفْتُ بما ضّمَّ تحاشَيْتَ كل سِفْرٍ هَزيلِ!

يا فَتاتي لقد جَنَحْتُ إلى الحُسْـ

نِ وَضيئاً يَنْأى عن الأَوْهاقِ!

كنْتُ فيه أَسْعى إلى الجَسَدِ

البالي. وأَصْبُو لِضَمَّةٍ وعناقِ!

كان فيه الفِراقُ يَدْعو إلى الذُّلِّ

مَهِيضاً.. مُتَيَّماً بالتَّلاقي!

كم تَدلَّيْتَ كم تَهاوَيْتُ لِلْدَّرْكِ وَضِيعاً كَمَعْشَرِ العُشَّاقِ!

ويْد الحُسْنٍ فَوْقَ رأْسي كإزْميلِ ظَمىءٍ إلى الدَّمِ المُهْراقِ!

لَيْس إلاَّ العُتُوٌّ فيه ذلك الحُسْنِ

فَمرْحىً لِعِزَّتي وانْعِتاقي!

***

ولَشَتَّانَ بَيْن حُسْنٍ يُواليكَ

طَهُوراً. وبَيْن حُسنٍ عَصُوفِ!

ذاك يَحْنو عليك غَيْرَ مُدِلٍّ

و يُفَدِّيكَ بالرَّؤى والطُّيُوفِ!

مُلْهِمٌ. فاليراعُ منه نَدِيٌّ..

بِمعانٍ تَزَيَّنَتْ بالحُروفِ!

وعذارى من الطَّرائِفِ تَشْفِي

عاشِقَ الفَنِّ مِن بلاءِ الصُّرٌوفِ!

هي مَجْدٌ مَؤَثَلٌ لِمُعَنَّى..

بِهَواها – مُغامِرٍ مَشْغُوفِ!

ما يُبالي إذا احْتَوتْهُ وناجَتْهُ

بآياتِها بِوَشْكِ الحُتُوفِ!

***

والمُدِلُّ القصُوفُ تَسْطَعُ حيناً

ثم يَخْفو ويَنْتَهي بالمِحاقِ!

كم تَعالى به الفُتُونُ فأشْجى

ثم أَهْوى به إلى الأَنْفاقِ!

فإذا بالنَّميرِ منْه سَرابٌ

عادَ لغَيِّ لعْنَةَ الأَحداقِ!

ظَنَّ أَنْ يَخْلُدَ الفُتُون. فأَشقاهُ

غُروبٌ أَطاحَ بالإِشْراقِ!

يال هذا العرس الشهي ازدهته

فرحة. ثم أفزعت بالطلاقِ!

يا حَياةً يُغْرِي اللِّقاءَ بها النَّاسَ

وتَطْوِي إغْراءهَا بالفِراقِ!