عاد من السماء

كأعمى يكذبُ في الغابة

ويسدُّ ثُقبَ الباب بأنفه،

جاء بأخبارِ الأيام التي فرَّتْ من الحروب،

ومدافنُه لمْ تزلْ باردة0

رائحة أجْراس قديمة، تلوِّنُ النوم0

تقدَّمْ000

إنَّه ليسَ لأحد،

وهؤلاءِ مواطنُوه

يقطنونَ يأسَهم،

كأنَّهُ يتزوَّجُ ماضيه باستمرار،

كأنَّه يسْتبْدل أذنيه في الغابة!

أعدْه إلى مهدِه

وامسحْ يديكَ من روائحِ المنفى

أعدْه إلى أوانه “الآن”

لا لأنَّنا غُرباء

بل لأنَّ أعماقَه تتلفَّتُ في المستقبل.

أعدنا إلى دوائرَ مرسومةٍ بالماء

عَلَىْ أرْضٍ لمْ يرْوها أحدٌ مِنْ قبلنا،أو بعدَهم

أعدنا إلى السجونِ المهاجرة معنا

حيث كلُّنا ميِّتون

نهرب من صورِنا

تاركين آباءنا في الصور بلا أبناء

وفي القبور،

بلا أحاديث عن الماضي.

صفاته إنَّه ملغَّزٌ وشائع

ولسانُه جنَّة بمسدَّساتٍ جريحة.

مع هذا،

يظْهرُ في الشَّوارعِ وخواتمُه تثرثر،

فقيلَ إنَّه مطرودٌ من المجد

وقيلَ محاربٌ

ماتَ بكاملِ خوفِهِ

وقيلَ: أسلحة المقْتول تنْزفُ عداواتٍ أيضاً

كأنَّما الثأرُ

بوقٌ عائمٌ عَلَىْ وحولٍ

تطفو عليها أحذية المحاربين أيضاً

وقيلَ إنَّهُ صفَّى حياتَه

ـ ذلك المساء ـ

ومشى إلى الحدودِ بغير خاتم

حتى أشعلَ الأيَّامَ خلْفَهُ

كلَّما تذكَّرَ شذرة خاتمَه

فترهبنتْ أشجارٌ

وتفرعنتْ أوثانٌ عَلَىْ صورتِه

قيلَ أنَّ عداواتِه مازالتْ في الطباعة

لهذا فهو يقضِّي نهارَه

متنكرا بإعجابه0

كأنَّه كثيرونَ ولا أحد

مشْتمِلٌ بنار

وحرائقُهُ هؤلاءِ المتشابهون

أختام الخرافة تلطِّخُ روحَهُ

وليس من جنَّة سواه0