لك شاهد في الروح

لَا تَفْتَرِي قَتْلِي فإنِّي عَاشِقٌ

غَنِمَ الْمَآسِي،

لَمْ يَفُزْ بِلِقَاءِ

أَعْلَنْتُ حُبِّي بَعْدَ طُولِ مَوَدَّةٍ

وَحَمَلْتُ نَبْضَ مَشَاعِرِي

كَالرَّايَةِ الْبَيْضَاءِ

إنِّي طَرَقْتُ الدَّمعَ حَتَّى نِلْتُه؛

فَغَرِقْتُ تَحْتَ الْمَوْجَةِ الْعَلْيَاءِ

وَشَرَحْتُ قلْبِي بالْقَصِيْدَةِ

ثُمَّ صَارَتْ

آيَةَ الشُّعَرَاءِ

إنِّي اكْتَرَثْتُ بِالْهَوَى؛

فَأَصَابَنِي مُتَجَدِّدًا

وَشُفِيْتُ بِالإعْيَاءِ

أشْفَقْتُ مِنْ نَفْسِي عَلَى نَفْسِي التَّي

أرْسَتْ حَنِينًا لَمْ يَكُنْ بِرَجَاءِ

وَضَّحْتُ قَلْبِيَ بالْكِتَابةِ

شَاهِدًا

وَمُنِعْتُ مِنْ قَوْلٍ يُزيدُ حَيَائِي

لَكَ شَاهِدٌ فِي الرُّوحِ

أَمْضَى نَبْضَهُ

كَالغَيْثِ يَهْطِلُ عَاشِقًا بِسَمَائِي

كَانَ المُسِنَّ لِكُلِّ قَانُونٍ بَدَا

لِلْعَاشِقينَ بِلَحْظَةِ الإغْوَاءِ

قُولِي الْحَنِينَ ومَا تَرِيهِ لِعَاشِقٍ

قَدْ تَاهَ عُمْرًا فِي فِنَا الْغَيْدَاءِ

لَكَ شَاهِدٌ فِي الرُّوحِ

يَسْكُنُنِي وأَسْكُنُهُ

إذَا تَاهَ الْمَدَى،

وَتَعَثَّرَتْ خُطْوَاتُنَا فِي غَمْرَةِ الأنْوَاءِ

وَتَفَاخَرَ الْمَقْتُولُ مِنْ سَهْمِ الْهَوَى

إنِّي أنَا الْمَقْتُولُ مِنْ هَجْرٍ بِكُلِّ عَنَاءِ

فَلْتَسْكُنِي رُوحَ الْمُسَافِرِ وَرْدَةً

فَاحَتْ عَلَى الأرْجَاءِ

وَلْتُمْسِكِي نَجْمًا أَطَلَّ

وَفِي يَدَيهِ التُّوتُ

وَالطُّرُقَاتُ تَهْمِسُ:

مَنْ هُنَاكَ

يَجُرُّ دَمْعًا فِي عَرَاءِ اللَّيلِ؟

أوْ

مَنْ جَاءَ تَحْتَ عَبَاءَةِ الْغُرَبَاءِ؟

..

الآنَ

يَغْسِلُنِي الْمَسَاءُ الْفَجُّ وَالنَّايُ الْحَزِينُ

وَبَعْضُ وَشْوَشَةٍ مِنَ الأصْدَاءِ

فَالشِّعرُ فِي لَيْلِ الْمَسَافَاتِ الطَّويلَةِ

لا يَكُونُ كَمَا أُرِيدُ

فَرُبَّمَا

يُصْغِي طَويلًا

أوْ

يَكُونُ كَدَمْعَةٍ

خَرَجَتْ مِنَ الإخْفَاءِ

إنِّي كَتَبْتُ الشِّعْرَ مَعْبَرَ دَمْعَتِي

وَحَمَلتُ حُزْنِي عِنْدَ كُلِّ غِنَاءِ

لَوَّنْتُ وَجْهَ قَصِيدَتِي،

وَحُرُوفُهَا مَطَرِيَّةٌ،

رَعْديَّةٌ، بَرْقِيَّةٌ كَشِتَاءِ

أنْتِ الْقَصِيدَةُ،

نَبْضُهَا

وَرْدِيَّةُ الأوْرَاقِ فِي كَفِّي الَّذِي

مَا خَانَهَا

إنْ أُفْرِغَتْ مِنْ جُعْبَتِي وإنَائِي

لَكَ شَاهِدٌ فِي الرُّوحِ

حِيْنَ خَطَطُّتُ أوَّلَ حَرْفِهَا

فتَسلَّلتْ فِي أَعْظُمِي وَدِمَائِي

وَتَمَدَّدَتْ

وَتَرَدَّدَتْ بَيْنَ الشِّفَاةِ عَرُوسَةً

وَتَزَيَّنَتْ كَنِسَائِي

لَكَ شَاهِدٌ فِي الرُّوحِ

يُبْرِحُنِي الْجَوَى

وَيُزِيدُ سُهْدِي عِنْدَ بَابِ لِقَائِي

إنِّي اكْتَوَيْتُ مِنَ الْغَرامِ وَلَيْلِهِ

كَمْ مَا سَهِرْتُ لِنَجْمَةِ الْجَوْزَاءِ

وَعَذَرْتُ غَيْرِي فِي اصْطِحَابِ دُمُوعِهِم

مَنْ يَبْقَى فِي عِشْقٍ بِغَيرِ عَرَاءِ!

قَدْ كُنْتُ أَكْتُبُ لَوْعَتِي

بِمَحَابِرِ الْعَيْنَيْنِ

لَمَّا تَمَازَجَتْ بِضِيَاءِ

فَتَرَى الْحُرُوفَ الْوَاقِفَاتِ عَلَى الثَّنَا

تَسْكُنَّ مَنْ حَمَلَتْ مِنَ الرُّقَبَاءِ

إنِّي هَجَرْتُ مَوَاجِعِي فتَكَاثَرَتْ

وَبَدَأْتُ أَحْرُفَ أدْمُعِي بِالْبَاءِ

مَنْ قَالَ:

إِنَّ الدَّمْعَ آخِرُ شَهْقَةٍ!

يَزْدادُ دَمْعُ الْعِشْقِ فِي القُدَمَاءِ