ذكرى شاعرين

خلق الموت فناء لبقاء

وجزاء من نعيم أو شقاء

ولقاء في فراق باغتا

كل نفس أو فراقا في لقاء

حاشر الخلق الى خلاقها

ومزجيها الى فصل القضاء

هو معفي العقل من تكليفه

ومريح الجسم من جهد البلاء

هو منجى الأرض من اشرارها

منقذ ابن الأرض من دنيا العناء

أيها الانسان هل أنت لما

راع من شتى المراءي فيك راءى

حمت كالطير بسر أزلا

لا بريش في صحفاء لا هواء

حول عرش من سناء وسنا

وكمال وجلال وبهاء

اذ جرى العهد واذ قلت بلى

فيه لو شفعت وعدا بالوفاء

وتلاعمت (هيولى) فالتقى

حمأ الأرض وإشراق السماء

عنصران امتزجا في صورة

نضرة رصا بها رص البناء

واذا الطير بفخ مثقل

عجب الصنعة من طين وماء

فتنزى رهنه حتى اذا

حطم الفخ تنزى في الفضاء

دامي الجرح عليه مسحة

من شحوب وبه وخز حياء

كدت أجلو الروح لولا أن من

أمر ربي صونه تحت الخفاء

هو لغز الله عماه فما

كشفه غير خيال وادعاء

عجز العقل عن الروح وما

زال بين اليأس فيه والرجاء

أستميح العفو في خوضي فما

هو إلا من هيام الشعراء

أي هواة الفن أحرار الحجى

حصفاء الذوق أبرار الإخاء

أدركوا بالعطف أما ثاكلا

لم تبارحها عوادي البرحاء

رزئت بكرين لن ترزأهما

قط أم مبكر بالنجباء

هذه أناتها رنانة

رددتها اليوم أصداء الجواء

وتخلت عن مباراة اللغى

بعد نهدين لها قيدي ظباء

خاطفي برقين سهمي صائد

صائب ريحي رخاء ورخاء

صحف الشرق جرت أنهارها

عبرات بعبارات الرثاء

أعربت لا بسواد الحبر بل

بسواد العين عن سوء سواء

أي قلب لم يكدر بالأسى

أي طرف لم يفجر بالبكاء؟

هل على الدوار من نسريه أو

فرقديه بعض حسن وضياء

أفلا أندب نجمين به

أفلا، بعد ازدهار وازهاء؟

سائلوا البرزخ عن ضيفيه هل

لهما صيت كما في الأرض نائي

سائلوا البرزخ عن طيريه هل

غردا فيه بنوح أو غناء؟

ضرب الحجر على حنجرة

صوتها غاد على الأحياء جاءي

ملأ الصمت عليها ملأ

ملكي الجمع قدسي الرواء