شهرالصيام

أطل على البرية بالسلام

ولح باليمن يا شهرالصيام

وحل على بني الإسلام ضيفا

كريما بين رعي واحترام

وعيدا باللطائف والهدايا

تعود عليهم في كل عام

ألم ينزل اليهم فيك قدما

كلام الله بورك من كلام؟

نفحت المسلمين بمثل ورد

من القرآن مفتر الكمام

هززت قلوبهم هز الروابي

وسقت لها الهدى سوق الغمام

فهم مهما قررت عينا

ببر الشيخ منهم والغلام

وأمنت الخليقة وهي غرقى

تكابد كل دفع واصطدام

حملت لها من الزيتون غصنا

كما حملته سالفة الحمام

ويسرت التراضي للبرايا

فما لهم تمادوا في الخصام؟

سبرت سقام أنفسهم علاجا

فما أجدى علاجك في السقام

فتحت لهم سماء الله بابا

فصدوا مخلدين إلى الرغام

فيا لك داعيا للخير يأبى

إجابة صوته غير الكرام

لقد قطعوا نهارك بالتحري

لصومهم وليلك بالقيام

وقد صاموا عن الشبهات لا عن

شرابهم فحسب أو الطعام

فعفوا عن مقاربة التعدي

وكفوا عن مقارفة الأثام

نووا لله صومهم فطابوا

وطاب خلوفهم طيب البشام

أولائك صومهم بالأجر يحظى

وترفعه الملائك باهتمام

رأوا نعم الفناء الى بلايا

تؤول فاثروا نعم الدوام

وصاموا شهر ربهم احتسابا

له فأثابهم دار السلام

أعد لهم بها (الريان) بابا

ليدخلهم به دون الأنام

فقل لأخي الأوام اليوم أبشر

ستحمد في غد غب الأوام

ستسقاها مشعشعة وصرفا

مداما لذة لا كالمدام

فليس تضر شاربها بغول

وليس تجر شاربها لذام

يطاف عليك من وقت لوقت

بها بين احتفاء واحتشام

يشع بكل إبريق سناها

ويعبق طيبها من كل جام

وبين يديك خيرات حسان

قصرن عليك في أبهى الخيام

فقل ما شئت في طيب وأنس

وتفكهه وبشر وابتسام

وقل ما شئت في أجر عظيم

يفوز به ذوو الهمم العظام

مقامات الرجال هناك شتى

فلا تختر سوى أعلى مقام

ولو هم الهمام بمستحيل

لما استعصى على هم الهمام

فمد الطرف فوقك تلق قصرا

كمثل النجم يلمع في الغمام

على الأقدار علي لا الروابي

وبالأنوار حلي لا الرخام

فمل وانزع اليه هوى وسعيا

عساك إليه تحظى باستنام

وراقب ليلة القدر أغتناما

لفرصتها الجديرة باغتنام

فكم لله فيها من عطايا

عظيمات ومن منن جسام

مفضلة النوافل مصطفاة

مقدسة مباركة النسام

وخير يومها من ألف شهر

وأمن كلها حتى التمام

تيمم موردا لله فيها

عساك اليه تخلص في الزحام

وقل للنفس ويحك لا تكلي

وقل للعين ويحك لا تنامي

وداع إن أتى رمضان يدعو

به فوق النواميس النوامي

يقول به لباغي الشر أقصر

وباغي الخير أقبل للأمام

فبشرى للذي لباه بشرى

بهطال من الرحمات هامي

ويا من صد عنه شقيت حظا

وبؤت بكل خزي وانتقام

أراك تبعت في الدنيا فئاما

خوالف بئسما هم من فئام

وكم من مفطر في القوم سرا

عديم الدين منهتك الذمام

يواري وجهه في ركن بيت

ويزدرد المآكل بالتهام

ألم يعلم بأن الله يدري

دبيب النمل في جنح الظلام؟

قضى ما شاء في الخلق احتكاما

فلم يجحف بحق في احتكام

وأتقن كل شيء منه صنعا

وقدر كل شيء بانتظام

فلم يستكمل الإنسان خلقا

ليتركه سدى طلق الزمام

فصم صوم الكرام يثبك أجرا

كريما لا تصم صوم اللئام

اذا ما جاءهم رمضان خروا

على شهواتهم صرعى غرام

وكان صيامهم سبب اتحاد

فصار بخلفهم سبب انقسام

فرهط صام يوما قبل رهط

وظلوا في جدال واحتدام

رأوا أيام صومهم طوالا

فأفنوها بلغو أو منام

قوام صيامهم ظمأ وجوع

لهم ما غير ذلك من قوام

وكم من طاعم ريان منهم

يئن بجنبه جوعان ظامي

فياويح الفقير يضيع جوعا

وليس له من الأقوام حامي

يطوف على المزابل حيث يرجو

فتات الخبز أو قطع العظام

ولولا الجوع لم ينبش قماما

ولم يشتق الى ما في القمام

وقد يطوى الأزقة مستميحا

فيحرمه الحطام ذوو الحطام

وقد يأتي البيوت بها فتخشى

ذراريها وتجفل كالنعام

وقد يعطى الإدام بلا رغيف

وقد يعطى الرغيف بلا ادام

مآس كالسهام رمت فأصمت

بلادا مثل أهداف السهام

وبؤس يترك الأحشاء منا

جوائش في اضطراب واضطرام

تعالوا للندى قومي تعالوا

تنالوا بالندى أقصى المرام

تعالوا نأس مطرحا جريحا

لعل لجرحه وشك التئام

تلافوا بالندى حيا كميت

كأن محله بعض الرجام

ألا فتدرعوا من كل بلوى

بإسعاف الفقير أسد لام

أخا الإسلام قد آخيت دينا

صيامك فيه رابعة الدعام

أتى رمضان وهو أجل شهر

أقمه لكبح نفسك كاللجام

تحام الفسق فيه فليس يرجى

قبول الصوم الا بالتحامي

اذا راماك ذو سوء بسوء

لإضرام العداء فلا ترام

ولا تظلم فقيرا بانتهار

ولا تظلم حقيرا باتهام

رأيت أذى احتقار الناس أقسى

عليهم من أذى الموت الزؤام

فكن هينا لكل الناس لينا

وديعا لا تكن صلب العرام

وقابل بالتجمل كل قذف

وطعن من لسان كالحسام

ستنجاب الضغائن بعد حين

وتشتاق القلوب الى الوئام

وكيف يميل للهجران جمع

يهدد بالنوى أو الحمام؟

تمهل برهة واصبر قليلا

فكل النائبات الى انهزام

وما الدنيا سوى مهد ابتلاء

لأنفسنا وميدان اقتحام

ونحن المؤمنين بها رماة

الى قاص من الأهداف سامي

مهمتنا التماس البر فيها

وغايتنا بها حسن الختام