من أغاني إفريقيا

يا أخي في الشرق، في كل سكنْ

يا أخي في الأرض، في كل وطنْ

أنا أدعوكَ .. فهل تعرفني؟

يا أخاً أعرفه .. رغم المحنْ

إنني مزّقتُ أكفانَ الدجى

إنني هدّمتُ جدران الوهنْ

لم أعد مقبرةً تحكي البلى

لم أعد ساقيةً تبكي الدمنْ

لم أعد عبدَ قيودي

لم أعد عبدَ ماضٍ هرمٍ

عبدَ وثنْ

أنا حيٌّ خالدٌ رغم الردى

أنا حرٌّ رغم قضبان الزمنْ

فاستمع لي .. استمع لي

إنما أذن الجيفة صماء الأذنْ

إن نكن سرنا على الشوك سنينا

ولقينا من أذاه ما لقينا

إن نكن بتنا عراةً جائعينا

أو نكن عشنا حفاةً بائيسنا

إن تكن قد أوهت الفأس قوانا

فوقفنا نتحدى الساقطينا

إن يكن سخّرَنا جلادُنا

فبنينا لأمانينا سجونا

ورفعناه على أعناقنا

ولثمنا قدميه خاشعينا

وملأنا كأسه من دمنا

فتساقانا جراحا وأنينا

وجعلنا حجر القصر رؤوساً

ونقشناه جفوناً وعيونا

فلقد ثرنا على أنفسنا

ومحونا وصمة الذلة فينا

الملايين أفاقت من كراها

ما تراها

ملأ الأفقَ صداها

خرجت تبحث عن تاريخها

بعد أن تاهت على الأرض وتاها

حملت أفؤسها وانحدرت

من روابيها وأغوار قراها

فانظر الإصرار في أعينها

وصباح البعث يجتاح الجباها

يا أخي في كل أرض عريت من ضياها

وتغطت بدجاها

يا أخي في كل أرض وجمت

شفتاها

واكفهرّت مقلتاها

قم تحرّرْ من توابيت الأسى

لست أعجوبتها أو مومياها

انطلق فوق ضحاها ومساها

يا أخي قد أصبح الشعب إلها

جبهةُ العبد ونعل السيدِ

وأنين الأسوَدِ المضطهدِ

تلك مأساة قرونٍ غبرت

لم أعد أقبلها

لم أعدِ!

كيف يستعبدُ أرضي أبيضٌ

كيف يستعبدُ أمسي وغدي؟

كيف يخبو عمري في سجنه

وجدارُ السجن من صنع يدي

أنا زنجيٌّ!

وإفريقيّتي لي

لا للأجنبيّ المعتدي

أنا إنسانٌ ولي حريتي

وهي أغلى ثروةً من ولدي

أنا فلاح ولي أرضي التي

شربت تربتها من جسدي

أنا حرٌّ مستقلُّ البلدِ

وسأبقى مستقلَّ البلدِ

ها هنا واريتُ أجدادي

هنا

وهم اختاروا ثراها كفنا

وسأقضي أنا من بعد أبي

وسيقضي ولدي من بعدنا

وستبقى أرض أفريقيا لنا

فهي ما كانت لقوم غيرنا

نحن أهرقنا عليها دمنا

ومزجنا بثراها عظمنا

وشققناها بحاراً وربىً

وزرعناها سيوفاً وقنا

وركزنا فوقها أعلامنا

وتحدّينا عليها الزمنا

وسنهديها إلى أحفادنا

وسيحمون عُلاها مثلنا

فاسلمي يا أرضَ إفريقيا لنا

اسلمي يا أرضَ إفريقيا لنا