يا ليت شعري عن الأحباب ما فعلوا

يا ليتَ شعري عن الأحبابِ ما فعلوا

هَلْ خيّموا بكثيب الجزع أم رحلوا

وليتَ شعري أذاك الشمْلُ مجتَمعٌ

كمثلِ عهدي وذاك الحبلُ متّصِل

إن باعدُوا فهم في مهجتي قربُوا

أوْ سَافروا فهمُوا في أضْلُعي نَزلوا

أزورهم بعدَ يومٍ بعدمَا ذهبت

لي السنونُ فيبدوا منهم الملل

خَفِظتُ عهدَهم والقومُ ما حَفظُوا

سألتُ عن حالهم والقومُ مَا سألوا

لهم سَهرتُ وهم للغير قد سهروا

بهم شُغِلْتُ وهم بالغير قد شُغِلُوا

أنا وَهُمْ نشبهِ الاعشى وخَلّتَهُ

وقُوله بينَ أربابِ الحجَا مَثَل

علقتُها عَرضاً وعُلّقتْ رجُلاً

غيري وعلّقَ أخرى ذلك الرجل

عَسَى تُديلُ الليالي من قساوتها

تعّطفاً فالليالي للورى دُوَل

يا أهل زينبَ مَا فقري يدومُ ولا

غِنَاكُمُ بلْ أرى الحالاتِ تَنتقِل

كم جَفّ شطٌ وكان النيل يكْنُفهُ

وكم قفارٍ سقاها الوابلُ الهَطِل

لله دَرِي ما أنكرتُ معرفةً

ولاَ جحدت ذوي الأحْسَان مَا فعلوا

ولا كفرت صنيعاً مِن صَنائعهم

ولا غمَطُتُ لما أوْلُو ومَا بَذلوا

ولاَ عداني عن شيد العلاَ عَدَمٌ

ولا ثناني عن بذلِ الْندى عَذَل

ولا أضعْتُ لما قالَوا ومَا حفِظُوا

ولا قطعْتُ يدَ البِرَ التي وَصلوا

تزيدني قسوةُ الأيام طيبَ ثنا

كالمندلِ الرطبِ حيث النار تشتعل

وكيفَ أجحد مِنْ شَيْخي عواجية

فضلاً به تشهدُ الأفاقُ والسُّبُل

ولست أنكر أشياخاً إذا سئلوا

أعطوا وإن طال ما أعطوا وما سئلوا

منذ كنْتُ مَا حُجبوا عني لعارفة

يوماً ولا شِربُوا دوني ولاَ أكلوا

أسرة كبدور التم طالعة

أنوارها في ظلام الليل تشتعل

لاَ تضِربَنّ بهم في فضلِهم مثلاً

فما لهم في البرايا يُضْرَبُ المَثَل

فما يشابههم في الفضلِ من أحد

من البرِيّةِ الاّ الأنبيا الرُّسُل

عليّ مِنْ مِحَنِ الدنيا لهم ظِلَلُ

ومن أولئك في الأخرى على ظِلَل

إنْ قلتُ أنهملي يا سحُبَ جُودِهم

عليّ بالجود ضلّت وهي تَنْهَمِلُ

مَا شاب مذ منحوني صفو ودّهِم

في اللهِ لي منه لاهمِلٌ ولاَ مَلَلُ

ومِنْ أبي أحمدٍ في منزلي كرَمٌ

أثنى به حيث مَا سارت به الإِبلِ

مَا زرتُه قطَّ إلاَّ خِلْتُ راحتَه

في منزلي وصلَتْ من قبلَ مَا أصِلِ

محمَّد بنُ الحسين السمحُ والدُه

والنّحْلُ منه لعمري يُولد العَسَل

بجيْلة بكم طالت كما شَرُفتْ

فِهْرٌ بإحمدَ ليس الجهلُ يَنْجَهِلُ

أمَّلْتُ فيك على ما كنت أعهدُه

زيداً وفيك لعمري يصدقُ الأمل

ولم تَزلْ في نعيم مَا هَمَا مَطرٌ

أو ما سرى قمرٌ أو مَارسَا جَبَلُ