أرى أنني

أرى أنّني صرتُ شيئًا

أرى أنّني صرتُ شيئًا

ولا فرقَ بيني وبين الحجرْ

وأنّي علوتُ عليَّ

فطال الجدارُ

ودار الجدارُ

وآوى ظلالَ البشرْ

ولم أفشِ سرًّا بسكّانِ جسمي

ولمْ أتشرَّبْ عليهم مطرْ

أرى أنّني أيُّ شيءٍ:

كراسٍ يداومُ فوقي الكلامُ وتحلو السّياسةُ

يحلو الضّجَرْ

منافضُ مملوءةٌ بالرّمادِ

بلاطٌ

زجاجٌ

محابسُ مكسورةٌ في الزّهَرْ

حصًى…

أو عصًا…

ينقطُ الطفلُ بي أحرفًا في ترابِ الممرْ

وداعًا لماذا؟

وأهلاً بماذا؟

مِن الآنَ لا شيءَ أعني

ولا شيءَ يُعنى

ولا شيءَ شيءْ

طعامي نيءْ

أنا الشيءُ في ذاته:

أنا ناقةُ القُرَشيّ

أنا قلقُ المتنبّي

أنا بغلةُ الإصفهاني

أنا كلبُ كافكا

أنا الخيْزباز

صفاتي : الهباءُ العظيمُ ولطْمُ الهواءِ

ووهمُ المجازْ

أمامي ثلاثون يومًا

لأبني غدي تحتَ أمسي

ويومٌ…

لأعرفَ مِنْ بَدني أين رأسي

وآنٌ…

لأقتلَ نفسي بنفسي

وخمسُ دقائقَ

حتّى يطوف برأسي الغجرْ

سلامٌ أخيرٌ عليَّا

أنا صرتُ شيَّا

ومَيتًا… وحَيَّا

ولا فرق بيني وبين الحجرْ