أناخ في قلب ليلى هاجس الشجن

أناخ في قلب ليلى هاجس الشجن

أيان ترنو بجفنيها إلى الوسن

منهوكة الجسد المسلول تحسبها

عوادها دمية للراهب الموثني

تنتابها لفحات السقم آونة

مذ دب فيها دبيب الربح في الشعن

تغدو الجراثيم في الأعضاء جاثمة

كالطير تجنح أسرابا إلى الوكن

تبتز من جسمها رقطا السعال دما

ما سال ضاع به جزء من البدن

لهفي على وجهها المخضر من سقم

ولا أقول هي الخضراء في الدمن

لكنما العوز الراسي بسباحتها

ألقى فريسته في الساحل العطن

فاستفحل الداء مذ نيطت مصالحه

بعهدة العدم فالقرنان في رسن

قامت وفي الطرف منها دمعة سقطت

تسقي المورد إشفاقا على الغصن

فاستيقظ الوالد المنكود طالعه

لفرقة الصوت مذ هفت على الأذن

أزاح عن رأسه أطمار غاشية

وقام يعثر في المسحوب كالشطن

ماذا تريدين يا ليلاي يا كبدي

مري أباك فقالت جرعة اللبن

فارتاع للقدح المسكوب مفتكرا

في حلب عجفاء قد كانت كلم تكن

فجر نعجته في كسر حجرته

يستحلب الضرع والمحلوب لم يبن

إن جف عنده ضرع الشاة أو فقدت

فما لديه متاع غير مرتهن

ظلت يداه تجس الضرع في حلك

والثوب منسدل الأذيال في الدرن

فاستوقد البدر إيناسا بطلعته

فقالت البنت لولا البدر لم ترني

خذ بالبنان قميصي والدثار معا

فقد تلوثت الأسمال بالحشن

هل درّت الشاة فالأحشاء في ضرم

أو فاسقني جرعة من حوضنا الأجن

وقاطعتها سعيلات أريق بها

دم تعهدها ردحا من الزمن

ما فاض إلا وفاضت عينها أسفا

على الشباب وهاجت طائر المحن

أنت وأنتها في قلب والدها

كأنها طعنة من سيف ذي يزن

قد أذكرته بسلماه أميمتها

مذ عاجلتها يد السقام بالظعن

وصافحتها يد العدوى بعلّتها

قل يالإرث بصدر البنت مختزن

ترجو اللحاق بها كيما تحط به

عن كاهل الكهل عبء المركب الخشن

فطالما ساعفت بالغزل عائلها

مما تقاضته فيما ابتيع من ثمن

كانت قبيل انتشاب الداء مفرغة

في قالب الحسن شحروا على فنن

يفتر مبسمها الدري عن حبب

وعن جمان بديعي به قمن

تختال بين مناجاة الترفه في

أكناف عزة شمل غير ممتهن

فعاينتها الليالي السود عن حسد

وقلب دنياك مطوي على الإحن

فعاكستها وحطت من كرامتها

وأسقطت نجمها من شاهق القنن

واستخدمتها يد الأيام في شظف

وجاذبتها بأسلاك لمحتجن

وصارعتها مع الأدواء فاقتها

وابن اللبون اذا ما لز في قرن

وحال دون أبيها والمعيشة ما

قد حال تنأى به الدنيا على السنن

لم يستطع بسط كفيه لنائلة

شأن الأبي ونفس الحر لم تهن

فضاق ذرعا ويأس المرء يرغمه

حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن

فبينما البائس المسكين في قلق

والبنت جاثية في طمرها القطني

ذا بوقع خطى في بيته طرقت

اسماعه فانجلى ما كن في الدجى

وقائل يا أبا ليلى أجل نظرا

في زهرة اليوم واشكر مانح المنن

قد قيض اللّه أقواما ذوي كرم

فأحدثوا ملجا في مصرنا المدنى

يختص بالبائس المسلول إذ فشيت

جرثومة السل في أشلا ذوي الوهن

أدوا به حق إنسانية رعيت

فيهم وكانت لهم من أحسن السنن

وأودعوه نطاسيين ترشد من

يرتاح قلبه في المأوى إلى سكن

واستنهضوا لمجاني غرسهم همما

تعد منتهم من أقدس المهن

واستنطقوا باعث الإحساس رائدهم

من كل ذي أدب أو شاعر لسن

ليستمدوا من الأعيان مورده

لا فضل لولا مياه البحر للسفن

فافتر ثغر الفتى وارتاح خاطره

وهشت البنت تصديقا لمؤتمن

فلا يليق بقومي أن يخيب رجا

هذين فيهم وصوتي بينهم علني

في كل ذي كبد من كل ذي كرم

يرجى الصنيع فهل من نهضة لغني

إحياء نفس كإحياء النفوس معا

وليس يخفى كلام الله عن فطن

كيف الهناء وحال البعض محزنة

ولا التفات بعيش للضعيف هني

هذي سبيل فهل من سالك سبلي

هذي يدي في يديكم يا بني وطني