حي الهلال وقل للغر تنبيها

حي الهلال وقل للغر تنبيها

فلتسعد الترك ولتكمد أعاديها

أضحى البشير ينادي في ضواحيها

بشرى البرية قاصيها ودانيها

حاط الخلافة بالدستور حاميها

قضت إرادته أن لا يشاركها

في الحكم ضد إذ القانون باركها

قد أصبح العدل بالتأييد مالكها

لما رآها بلا ركن تداركها

بعد الخليفة بالشورى وناديها

وباتحاد رجال كان همهم

فك الرقاب وإن سالت دماؤهم

فحررتهم ولم تشهر سيوفهم

وبالأبيين من قوم أماتهم

بعد الديار وأحياهم تدانيها

أهلا بمن طوقوا أعناقنا مننا

أهلا بأولئك الأحرار والأمنا

دار الخلافة قد كانت لهم وطنا

حنوا إليها كما حنت لهم زمنا

وأوشك البين يبليهم ويبليها

لاقوا الخطوب ومتن الصبر مركبهم

جابوا البلاد ونشر العدل مذهبهم

شدوا العزائم والدستور مطلبهم

مشتّتين على الغبراء تحسبهم

رحّالة البدو هاموا في فيافيها

كان الزمان مربيهم ومبلسهم

ثوب التعاضد ما أعلى مدرسهم

والضغط أيد دعواهم وأسسهم

لا يقرب اليأس في البأساء أنفسهم

والنفس إن قنطت فالياس مرديها

نالوا الأماني وكادت أن تضيع سدى

للّه أشبال آجام لقت أسدا

نادت إليه وهذا القول عكس صدى

أسدى إلينا أمير المؤمنين يدا

جلت كما جل في الأملاك مسديها

يد تأيد فيها الملك والحرم

يد تدفق منها الفضل والكرم

يد تباعد عنها الشر والألم

بيضاء ما شابها للأبرياء دم

ولا تكدر بالآثام صافيها

كف هي الغيث إن جادت به الديم

كف بقبضتها من مثلنا أمم

فلا غرابة إن عمت بها النعم

وليس مستعظما فضل ولا كرم

من صاحب السكة الكبرى ومنشيها

قل يا لها سكة شيدت بدولته

في بلدة الوحي تحيى ذكر خدمته

وكم لها من أياد في خلافته

إن الندى والرضى فيه وأسرته

والله للخير هاديه وهاديها

أكرم بها عترة يعنو لها التملك

طوعا ويكلؤها التوفيق والملك

قوم لنصرة دين الله كم فتكوا

قوم على الحب والإخلاص قد ملكوا

وحسب نفسك إخلاص يزكيها

إذ المعارف في أيامهم نشرت

إذ العوارف من جدواهم اغترفت

إذ الطوائف في أكنافهم رتعت

إذ الخلائف من بيت الهدى حمدت

الى الخواقين من عثمان ماضيها

جل الفتوحات كانت في خلافتهم

كل العواصم قد دالت لرايتهم

سلوا التاريخ عن أعمال عترتهم

خلافة اللّه في أحضان دولتهم

شاب الزمان وما شابت نواصيها

سلوا المعامع تخبركم بصولتهم

سلوا الفوارس تنبئكم بنخوتهم

هي الخلافة في أكناف شوكتهم

دروعها تحتمي في النائبات بهم

من رمح طاعنها أو سهم راميها

ما كان حكم ولي الأمر منتبذا

منا ولا منه بالإرغام ما أخذا

حاشا لطرفه ما الشورى إليه قذا

الرأي رأي أمير المؤمنين إذا

حارت رجال وضلت في مرائيها

رحماه ماذا ارتأينا في تطلبها

هي الحقيقة نادته بموجبها

ما للسلاطين حق في تغلبها

وإنما هي شورى الله جاء بها

كتابه الحق يعليها ويغليها

ما كان ضغطك غبا في تصعبها

ولا الممانع عكسا من تقربها

أمنية بين أهليها وموهبها

حقنت عند مناداة الجيوش بها

دم البرية إرضاء لباريها

حبستها زمنا مستنهضا همما

واليوم أطلقتها من قيدها كرما

أحييت دون عراقيل بها أمما

ولو منعت أريقت للعباد دما

وطاح من مهج الأجهاد غاليها

منحتنا نعما طوقتنا مننا

أعطيتنا الحكم لا حربا ولا فتنا

وهبتها اليوم لا ضعفا ولا وهنا

ومن يسس دولة قد سستها زمنا

تهن عليه من الدنيا عواديها

قد استوى الملك في حالاته زنة

حلوٌ ومر فلا عبثا ولا عنتا

كم كنت آونة تشقى فآونة

أتى ثلاثون حولا لم تذق سنة

ولا استخفك للذات داعيها

كم كنت تحمل من أوراقها ألما

وللعظائم من أمثالك العظما

كم قد تلقعت في ديجورها السقما

مسهد الجفن مكدود الفؤاد بما

يضني القلوب شجي النفس عانيها

ما كان مثلك مغترا بزهرتها

ولا مصيخا إلى نبرات نغمتها

هي الإمارة لم تحفل بسكرتها

تكاد من صحبة الدنيا وخبرتها

تسيء ظنك بالدنيا وما فيها

آن الأوان لأن تشفى من الترح

إنا نشاطرك الأتعاب فاسترح

ألم تك اليوم للشورى بمنشرح

أما ترى الملك في عرس وفي فرح

بدولة الرأي والشورى وأهليها

ما كان غيرك قبل اليوم منتبها

لولا الدروس التي تلقى بمكتبها

عرفتهم عندها الشورى بموجبها

لما استعد لها الأقوام جئت بها

كالماء عند غليل النفس صاديها

أدبتهم بفنون العصر فاجتهدوا

والناس بالعلم لا بالجهل قد سعدوا

يا من هو العون بعد الله والعضد

فضلٌ لذاتك في أعناقها ويد

عند الرعية من أسنى أياديها

أيجحدوها وفضل الله ناشرها

أينكروها وقد لاحت مناظرها

يا صاحب التاج والرحمان ناصرها

خلافة الله جر الذيل حاضرها

بما منحت وهز العطف باديها

قل يا لها فصرة دالت لحائزها

في يوم إنجازك الشورى لناجزها

فريثما برزت في كف غامزها

طارت قناها سرورا عن مراكبها

وألقت الغمد إعجابا مواضيها

كادوا يشيرونها لكنهم سعدا

لو ثار ثائرها لا ستأصل البلدا

وإنما حين بان منك نور هدى

هب النسيم على مكدونيها بردا

من بعد ما عصفت جمرا سوافيها

هبت ليوثا من الآجام كاسرة

تطالب العرش بالدستور طائرة

مالت لأبواب اسلامبول عابرة

تغلي بساكنها ضغنا وثائرة

غلي الصدور اذا ثارت دواعيها

ثارت ويا طالما تحت اللظى خمدت

ثارت عليكم وقدما طالما انتقدت

وقبلما هبت الأبطال واحتشدت

عاثت عصائب فيها كالذئاب عدت

على الأقاطيع لما نام راعيها

دبت لها من أروباها دسائسها

وكاد يجني بها الأثمار غارسها

يا للسياسات إذ قامت تعاكسها

خلالها من رسوم الحكم دارسها

وغرها من طلول الملك باليها

أوصى بها ذلك السلطان فاتحها

إذ قال في ذمتي نيطت مصالحها

لكنها النار لا ينفك لافحها

فسامر الشر في الأجيال رائحها

وصبح السهل بالعدوان غاديها

يا ليتها لمواليها مسالمة

وما انطوت عن خداع وهي عالمة

وللوفاء بذاك العهد ثالمة

مظلومة في جوار الخوف طالمةٌ

والنفس مؤذية من راح يوذيها

كم خاب للترك في إصلاحها الأمل

كم كان يعسر في إجرائه العمل

تشكو وتدري يقينا أنها العلل

رقت لها وبكت من رقة دولُ

كالبوم يبكي ربوعا عز باكيها

شمس العدالة بالإسلام شارقة

وسوقها لو يراعى الدين نافقة

نادوا بها ولسان الحال ناطقة

أعلام مملكة في الغرب خافقةٌ

لآل عثمان كاد الدهر يسطويها

كم جرت الذيل واعتزت برايتها

والآن تشكى وتشكو في ظلامتها

تلك الحكومة حطوا من كرامتها

لما ملئنا قنوطا من سلامتها

توثبت أسد الاجام تحميها

من كل أروع سباح بلجته

من كل منتصف يُدلي بحجته

من كل صنف ينادينا بلهجته

من كل مستبسل يرمي بمهجته

في الهول إن هي جاشت لا يراعيها

وافته أبطاله الأحرار تصحبها

إباءة النفس والإعزاز مركبها

لاقته وهو من الشورى يقربها

كأنها وسلام الملك يطلبها

أمانة عند ذي عهد يؤديها

لله مملكة طالت بهم أمدا

ضمت شعوبا فكانوا عنده جسد

يا من يخالفنا جنسا ومعتقدا

الدين للّه من شاء الإله هدى

لكل نفس هوى في الدين يعنيها

كانت شريعتنا الفيحاء راعية

حق الديانات في التوفيق ساعية

كانت بحكمتها للكل واعية

ما كان مختلف الأديان داعية

إلى اختلاف البرايا أو تعاديها

باللين كانت لمن تهدي مخاطبة

ولم تكن في ظلام العسف حاطبة

دعوا طريقا من التضليل عاطبة

الكتب والرسل والأديان قاطبة

خزائن الحكمة الكبرى لواعيها

هداية الخلق من أسنى مقاصدها

ودعوة الحق تاج في معابدها

ما للبرايا سواه في عقائدها

محبة الله أصل في مراشدها

وخشية الله أس في مبانيها

في الكافرين اقرأوا لي ما بسورتها

تروا حقيقة قولي من تلاوتها

وحق شرعتنا العليا وحكمتها

تسامح النفس معنى من مروءتها

بل المروءة في أسمى معانيها

كل تمسك في الدنيا بمذهبه

والكل يعمل مجبورا بموجبه

وحيث كان الهدى من حق موهبه

تخلق الصفح تسعد في الحياة به

فالنفس يسعدها خلق ويشقيها

ما كانت النفس من ضد بنائلة

عرفا ولا دعيت يوما بكاملة

من ذا الذي نفسه كانت بفاضلة

الله يعلم ما نفسي بجاهلة

من أهل خلتها ممن يعاديها

هي المداراة ما أحراك تعرفها

بدونها الناس لا يرجى تالفها

نفسي وحسبك من نفسي تعطفها

لئن غدوت إلى الإحسان أصرفها

فإن ذلك أحرى من معاليها

أودتها في يد الإحساس قائدها

يخطو فتخطو خطايها تلو رائدها

تولي الأيادي لرائيها وجاحدها

والنفس إن كبرت رقت لحاسدها

واستغفرت كرما منها لشانيها

يا فرصة سنحت في عصرنا الذهبي

يا غادة الحر بل يا غاية الأرب

يا أمة عرفت بالفضل والأدب

يا شعب عثمان من ترك ومن عرب

حياك من يبعث الموتى ويحييها

شمس العدالة في الآفاق طالعة

والحظ أقبل والدنيا مبايعة

يا عنصر المجد والآثار شايعة

صبرت للحق حين النفس جازعةٌ

والله بالصبر عند الحق موصيها

لا بد من فرج إن سامك النكد

لا يأس للحي والأشيا لها أمد

يا شعب يا من به الإسلام قد سعدوا

نلت الذي لم ينله بالقنا أحد

فاهتف لأنورها واشكر نيازيها

انظر لدولتك العظمى ومنصبها

واعمل لقومك يا تركي بموجبها

يا أيها الحريا من بت منتبها

ما بين آمالك اللائي ظفرت بها

وبين مصر معان أنت تدريها