أنغام من الصحراء

النغم الأول : الحبُّ في الصحراء

كنَّا نعيشُ الحبَّ في الصحراءْ

وحْيٌ من السماءْ

رسالةٌ فِطريَّةٌ

أنشودةٌ عذراءْ

لا نعرفُ الرسائل الملوّنةْ

والكلمات الحلوة المدوّنةْ

لا نعرف النفاقْ

ولم نمارس اللهو بتهريب العواطفِ

فالحبُّ عندنا انطلاقْ

والعشقُ عندنا انتماءْ

كموسمِ الرحيلْ

كنسمةِ الصباحِ، كالأصيلْ

كالماء، كالهواءْ

***

الحبُّ فِي الصحراءْ

حكايةٌ تطولْ

وقصَّةٌ كثيرةُ الفصولْ

تَروي عن الزمانْ

متاعبَ الإنسانْ

كفاحَهُ من أجلِ أنْ يَحيا الحياة

صراعَهُ من أجلِ لُقمةٍ

عزيزة المنالْ

ممزوجة بحبَّات العرق

وذرّات الرمالْ

النغم الثاني : الشوق المهزوم

وقَفتْ هَناكْ

خلفَ السَّرابِ نَحِيلَةٌ

سَمراءَ، فِي نظراتِها إلْهَامُ

تَغزُو النسَائِمَ

بابتسَامتِهَا التِي

رسمَ الصباحُ جمالَهَا

وتراقصتْ من حولهَا الأَنغامُ

فوقفْتُ أَرْقُبُهَا

وألمحُ بيننَا

بَحراً، تموتُ بشطّهِ الأحلامُ

ومتاهةً

تتراعشُ الخطواتُ فِي

أنحائها

وتشيخُ من أهوالها الأقدامُ

أزلية الإلهام

عفواً

ما بيدي سوى

أبياتُ شعرٍ نبضهُنّ غرامُ

أنا شاعرٌ

والشِّعرُ جَرحٌ نازفٌ

ملأت حقائبها به الآلامُ

لِي مِن شعُوري

للجمالِ رسائل

فيهن حربٌ دائمٌ وسلامُ

لا تقلقي صمت الجراح عزيزتي

فالشوق مهزومٌ

والروض خال والربيعُ حطامُ

النغم الثالث : ديار سلمى

هَجَرْنَاهَا

ديار “سلمى” وملعبها ودُنياهَا

واخضلالَ أغانيهَا

التي كانَتْ تُردِّدُهَا

والنغمة البِكْر

كم نَحن افتقدنَاهَا

أينَ انتهينَا؟

جحيمُ الوهمِ يفنينَا

يعذّبنَا

يستنزف الأملَ المشنوقَ في دمنَا

حتّى مللنا ارتعاشَ النورِ

وخفقةَ الأملِ الغافي سَئِمْنَاها.

قصائدُ الأمسِ

ماتَتْ فِي حقائِبنَا

خرساء… تلهُو بِها الأحزانُ

تَخْنُقهَا

ويحتويها جفافُ الصمتِ

والنسيانُ

كأنَّنا ـ في الرَّمالِ السُّمرِ

والأشجارِ

وفي كهوفِ المرَاعِي ـ

مَا كَتَبْنَاهَا