ما الدهر إلا غدوة ومساء

ما الدهر إلا غدوة ومساءُ

يتعاقبان وشدة ورخاءُ

ومسرة ومضرة وحلاوة

ومرارة وسعادة وشقاء

ومساكن ومقابر وفوائد

ومصائب وسلامة وبلاء

منقلب طول المدى متلون

أبدا كما تتلون الحرباء

زمن يذل به العزيز وتعتلي

فيه اللئام وتسفل الرفعاء

وحبيبه كدر الوداد كأنه

شوك القتاد وحيّةٌ رقطاء

الغل والشحناء حشو فؤاده

لكنه متودد هأهاء

فلسانه كالاصفعند حلاوة

والقلب منه علقم والاء

أطفأت جمرة حقده بتحلّم

فالحقدُ نارٌ والتحلّم ماء

وشفيت أدوا غلّه بتسامح

فالغل داء والسماح دواء

ومنحته منى الوصال تألفا

مذ بان منه قطيعةٌ وجفاء

وإذا تكدّر ودّه اضحى له

منى صفاء مودّة وإخاء

وتالف وتعطف وتلطفٌ

وتعفّفٌ عن ماله وصفاء

ومكانة وصيانة وأمانةٌ

وتواضع وتحلم ووفاء

إنا إذا عثر الصديق فإنّنا

غفر له زلّاته سمحاء

وإذا بدت منه الخيانة والخدا

ع فإننا نصحاؤه امناء

وإذا بدت منه الفظاظة إننا

ندماؤه أو داؤهُ صدقاء

وإذا استعان على نوائبه بنا

يوما فنحنُ ردا له وزراء

وكمان خبث سريرة يبدو لنا

سترته منا شيمة شمّاء

لا نستحيل عن الاحبة إن جفوا

وطووا قلوبا حشوها الشحناء

ونذل متضعين حيث تكَبّروا

حتى كأنهم هم الامراء

بمكارم الاخلاق ان غدروا ندا

ريهم وبالاحسان حيث أساؤوا

إنا بني ديمان إن ذكر العلى

نذكر وان ذكر الخنا برءاء

فينا بمنّة ربنا الصلحاء والعقـ

ـلاء والعلماء والحكماء

فينا بمن الواسع الصفواء والزهـ

ـداء والتقواء والنقواء

فينا بمن المالك الفضلاء والنـ

ـزهاء والظرفاءُ والنبلاء