مواسم الحضرة

صباحُ الخيرِ يا عُنفي المُدونَ بين حاضرةٍ على قُربي وبين

النّيلٍِ هذا البيتُ من قصبٍ ومن فيضانِ وردِ عروسةٍ

ولكَ

الصّباحُ معي بقايا موعدٍ حَضَرَتْهُ حاشيةُ الدّخانِ وصيحةُ

الأعشابِ أنت شريدُ حلمٍ يستريحُ مع الصّباح

ترجّلْ أيّها

العُنفُ المتاخمُ للغبار هي التّي أهذي بومضِ جناحها كُنّا

اتفقنا جاء ثالثنا صديقاً قال كيف نُقيمُ من بين انعراج

الصّوتِ رابعنا

صباحُ الخير جالس جسرنا

هدّمتُ ما شقيتْ

به لُغتي غبارٌ كان يغسلني دويٌّ خارج الضّحك المُباح

لعلّكِ نخلةٌ فهمتْ صباحيَ إنّني أمسكتُ عُنفي وانتهيتُ

إليك يا قوساً من الحُمّى التي اندفعت إلى حلقي تمجّده

وتُعلن أن خامسنا دليلٌ جالسته طريقةٌ زرقاءُ رسمُ محيطها

الموّالُ والألقُ القريبُ من الرّياح

هُناك فضحتُ خوف كتابةٍ غطّت سرائرها بعصف ذابلٍ

هاجمتُ أنت الآن بين يديّ أهتفُ أو أرافق رجّةً تشتدُّ في

هتك البلاغةِ واحتثاث المخزنِ اللغويّ يا عنفكَ الميمون

كم صوتاً تمادى في ارتفاع نُخاعي الشّوكيّ نحو مسالك

الطّلحِ المرشّحِ للهيب ولهجةِ الخوف

اقتربتُ مصاحباً

عُنفي رفيقُك إن سادسنا توهّج في بلاد الحُلمِ حاصر

صخرةَ الأحزان سابعنا تلفّظ بالظّنونِ رمى رداءَ النّوم فوق

جفُونِهِ بالأمس كلّمني وكان الجذب َ ما وصّى به أهلي

فجاء الوقتُ مزدحماً بأسماءٍ مركبّةٍ لها نفس الجراح

2

لك العزّة أيّتها الأرضُ المَكْسُوَّةُ بالأرحام وأنت على صدري

بوشاح دمٍ يتهجّجُ بين سَبُو ومداخل باب المحروق

لك العزّةُ لا أكتمُ نهجاً والنّاسُ اقتربوا حتّى صادفتُك وجهاً

حنّ إليّ سلاماً منتعشاً يمكن للأزرق أن يسمعه من

منخفضاتِ الصّمتِ وقد أقسمتُ بحدِّ الماء

تعاليْ أيّتها

المجنونةُ إني صادقتُ النّارنج وقُلتُ له حمّل صوتيَ بالعزّة

إن النخلة تتبعُ ساريةً هامتْ زمناً حتّى وجدتْ باب

المحروقِ يقول لهَا دمُهُم يا سيّدتي ضجّت عيناهُ ارتجّت

حُفرتُهُ

ولكِ العزّةُ نارنجاً تلقانِي نفحتُه كلماتٍ من ينسى كلماتك

لمّا الماء أتاها فاغتسلت بالنّار غشيتُ الحُرقَةَ في ليلِ

الرَّغَبُوتْ

أيّتها العزّةُ طُوفي اكتملت أعضائي ذاكرةً لم تمهلها أخبارٌ

جالسها رأسٌ قطعوهُ على أعشابِ سَبو

3

أّباركُ صيحةً عبرتْ إليّ من النّخيل ومن ظلالِ سَبُو تداهم

خيلُهم هل عادت الأسماءُ بعد طوافها بين الخرافة

والجهات المحرقات لتخبر أنّني صاحبتُ صورتها محدّقةً

على الأسوار فالقرمود فالشّبّاكِ جاءت لفحةً تتكسّرُ الأعباء

فوق بريقها الفضّيّ

لم يرحل عن العين اختلاطُ الجمر بالشفتين ذاكرةً تبادرني

وذاكرةً ترمّمُ ساقي المخروم من تعب الفصولِ يكادُ يهتف

بالعشيرةِ صيحةً وصلت من الأحداق للأحداقِ واحدةً من

السّوسانِ والحبقِ المُطلِّ على بياض السّطح كيف تسلّلت

حتّى نزلتُ بحوضها أسعى وأشربُ من مياهِ سَبُو أحُلُّ بهِ

احتباسَ الصّوتِ

يا صوتي

ويا صوتي

يجيبُ القادمون من المساء

ومن غُموضِ البُعدِ فابتهجي

لنا حلُمٌ وأنتِ غمامةٌ زرقاءُ فابتهجي

دمٌ قامت طفولتُهُ وأقسم أن يجاهرَ باشتعال العينِ والخلخال

والوشمِ الفريدِ بمعصمٍ قطعوهُ ثمّ رموهُ في بئرِ لذاك سألت

عابرةً على شطّ الخليج تعود لي الأمواج باسترسال لمعتها

وتعبثُ بالمسافةِ

ها هم الأحبابُ يقتربونَ وجهكَ مربكٌ

ويداك تنتشران من دربٍ إلى دربٍ وتشتبكانِ في قوسٍ لهُ

الزّيتونُ والرّمّانُ هل تسمو بك الذّكرى

سَبُو يا معدن

الأسماء تغسلُ عارض الأخبار حين يشاءُ بابُ اللّيل أن

يعلو فَصَيْحَتُهُمْ تجدّفُ نحونا بالصّعقِ لا تكتئب هذا

المساءُ سمعتهمْ برقاً يرابط بين أنساغِ النّشيد ودبدبات

الصّحو يهتكُ ساعةَ الأقفال

يا صوتي

ويا صوتي

يسلّمني هُبوباً صافياً

شلاّلُ صحتهم يراني الماءُ لوناً موحشاً يُصغي وينشغلُ

4

كان لي القرارُ يقول هذا

الشّرقُ حين لمحتهُ يدنو

وينفخُ في سماقِ اللّوح

يفرشُ لي الحصيرَ يصوغ

كفّي من رنين الحرف كان

الحربُ أين طفولتي اختبأت

وكيف أقصُّ عن غسقٍ

يُصاحبني إلى باب دخلت

الجامعَ السُّفليِّ عندَ الصّحن

كان الضّوءُ منحدراً وجلبابي

يلفُّ الرّكبتين لمحتُهُ يختارُ

لي قصباً يقولُ اكتُبْ كتبْتُ

الجُرحَ ثمّ مشيتُ لم أذكرْ

حنين أصابعي والشهوةَ

الأخرى على شفتي

سأذكُرُ سيّدَ الكلماتِ

يقرئني هواء غامضاً يا سيّدَ

الكلماتِ لا تغضبْ نسيت

أصابعي بين الذهول مربّعِ

الزَّلّيجِ رائحةٍ تسمّى الياسمين

لمحنتها وهذا عُنفي اقتربت

من السّكراتِ حضرتُهُ كتبتك

في انغراس الشّوقِ والحُمّى

أنا المقصيُّ من عتباتِ

أهلِكَ أيّها الشّرقُ القريبُ

5

كيف انصرفتْ أعشابُ

سَبُو لغوايتها

وتعالت بين معابر هجرتها

كيف الورقُ الأبيضُ يهذي بمسالكها

ويفاجئ

أحوال تصدّعها

كيف الأزرقُ يجفو وبناتُ القُدسِ حللنَ

بصوتي مرتدياتٍ قاماتِ النّخلِ البدويِّ أتين

بآياتِ الهذيان تصفّحن الجسد المنسيّ روين

حُروفي بالحنّاء غناء العُرسِ تسابقن إلى ساقي

الممدودةِ يفرشنَ الأزرقَ يحملنَ إلى كتفي

الألواحَ قرأتُ اهتاجت حتّى قُلتُ فضائي ثمّ

الوشمُ أتى ونشيدُكَ قابلَ عيناً رافقَ غاباتٍ لا

يعرفُها إلاّ سرّي

6

ها أنا أعطي لكُلّ خطوةٍ صورةَ صديقٍ ولكلّ رائحةٍ حديثاً

عن نخلةٍ أو زهرةٍ تحضرُ إلى مقام العين هذا الصّباح

انتبهتُ من هنا بدأت صفحاتُ الكونِ تنفتحُ وأسرار

الصّمتِ تنغلقُ أو لعلّها وشوشةُ حُزنٍ دافئ لم يسترحْ بعدُ

أعلمُ

لم تبقَ إلاّ

لحظةٌ ويسألني النّهارُ عن انكساري لم أتململ

والقادمون من البعاد يطرقون الباب لم نَمُتْ بعدُ

أعلمُ

تلك بقايا بيوت

أندلسيّةٍ تُطلُّ عليّ حدادٌ في الممرّ الآخر

دبدباتٌ وهذا سريري لم أستسلم

أيّها الشّرقُ الصّديق