تعز وأنى والمصاب جليل

تَعزَّ وَأَنّى وَالمُصابُ جَليلُ

فَخلِّ الدُموعَ الجامِدات تَسيلُ

رُزِئنا زِمامَ الفَضلِ وَالدينِ وَالتُقى

نَعم نَجلهُ المَيمونُ منه بَديل

بُدورُ عُلا هذا هوى لِمَغيبهِ

وَذا في سَماءِ المَكرُمات يَجولُ

فَيا لكَ بدراً أَطلعَ الشَمس بَعدهُ

وَثَجّاجَ مُزنٍ أَعقَبَته سُيولُ

دعا عابِدَ الرَحمنِ لِلفَوزِ رَبَّهُ

وَجَنّاتُ عَدنٍ ظِلُّهُنَّ ظَليلُ

مَضى طاهرُ الأَخلاقِ وَالشِيَمِ التي

بِجِسمِ العَوالي غُرَّةٌ وَحجولُ

مَضى كافِلُ الأَيتامِ في كُلِّ شَتوَةٍ

إِذا عَمَّ أَقطارَ البِلادِ مُحولُ

مَضى هَضبَةُ الدُنيا التي يَلتَجي بِها

طَريدُ جِناياتٍ جفاهُ قَبيلُ

تُرجَّعُ فيهِ المَكرُماتُ حَنينَها

كَما رَدَّدَت رجعَ الحَنينِ عَجولُ

فَلا ذُخرَ بعد اليوم لِلدَّمعِ والأَسى

وَإ كانَ لا يُشفى بِذاكَ غَليلُ

فَلِلَّه كم عَينٌ تَحلَّبَ دمعُها

وَكم زَفرَةٌ إِثرِ البُكا وَعَويل

فَلو كان يُفدى بِالنُفوسِ وَلو غَلَت

فَداهُ هُمامٌ أَشوسٌ وَنَبيل

وَلَو كانَ مِن خَصمٍ تَنَمَّرَ دونهُ

رِجالٌ بِأَيديهِم قَناً وَنُصولُ

إِذا ما اِعتَلوا قُبَّ الأَياطلِ لم يَكُن

لهُم أَوبَةٌ أَو يُستَباح قَتيلُ

وَلكن قضاءٌ مُبرَمٌ يَستَوي به

مَليكٌ عَزيزٌ في الوَرى وَذَليلُ

نُؤَمِّلُ في الدُنيا بَقاءً وَصحَّةً

وَهذا مُحالٌ لَو صَحَونَ عُقولُ

وَفي سَيِّدِ الكَونَينِ لِلنّاسِ أُسوَةٌ

مُصابٌ به كلُّ الأَنامِ ثُكولُ

هوَ المَرءُ في الدُنيا غَريبٌ مُسافِرٌ

وَلا بُدَّ من بَعدِ الرَحيلِ نُزولُ

سَقى جدثاً وارى المَكارِمَ وَالعُلى

مِنَ العَفوِ رَجّاسُ السَحابِ هَمولُ

مُلِثٌّ إِذا ما راثَ حَنَّت عِشارُهُ

وَحلَّ عُراهُ أَزيَبٌ وَقَبولُ

إِمامَ الهُدى صَبراً عَزاءً وَحسبَةً

فَعاقِبَةُ الصَبرِ الجَميلِ جَميلُ

فَإِن يَكُ طَودُ الفَضلِ زَعزَعَهُ الردى

وَأَضحى لهُ تَحتَ الرِجامِ مَقيلُ

فَفيكَ وَلا نَعدَمكَ من كلِّ فائِتٍ

لنا خلفٌ لِلمُعضِلاتُ حمولُ

فَأَنتَ الذي مهَّدت ذا المُلكَ بعدَما

تَلاشى وَجُثَّت من قُواهُ أُصول

وَعادَت بكَ الأَيّامُ غَضّاً شَبابُها

وَقد مسَّها بعدَ الغَيِّ قُحول

وَما ماتَ من كُنتَ الخَليفَةَ بعدهُ

له بكَ عمرٌ آخرٌ سَيَطولُ

وَلَولاكَ اَقفَرنَ المَعالي وَلم يَكُن

لها بَعدهُ في الغابِرينَ سَبيلُ

فَلا زِلتَ في عِزٍّ أَنيقٍ مُسَلَّماً

وَغالَ الذي يَبغي الرَدى لكَ غولُ

وَأَزكى صَلاةِ اللهِ ثُمَّ سَلامهِ

يَدومانِ ما ساقَ الغُدُوَّ أَصيلُ

عَلى سَيِّدِ الساداتِ نَفسي فِداؤُهُ

إِمامٌ إِلى طُرقِ النَجاةِ دَليلُ