إلا ودادك زينب

” لَكِنَّ قَلْبِيَ لاَ بَوَاكِيَ لَه !! “

إلى ابنتي الصغرى زينب !

* * *

رَيْحَانَةَ العُمْرِ المُعَنَّى..

زَهْرَ جَدْبِي..

زَيْنَبُ.

لاَ تَحْزَنِي أَبُنَيَّتِي..

يَوْمًا..

وقَدْ جَفَّ السَّنَى..

فِي مُقْلَتَيَّ..

حَبِيبَتِي..

وَطَوَى أَبَاكِ المَغْرِبُ.

وَغَدَا فُؤَادُكَ..

عِنْدَهَا مُتَكَسِّرًا..

وَجَفَاكِ..

رَغْمَ الحُبِّ ..

فِي الدُّنْيَا أَبُ !.

قُولِي:

لَقَدْ نَامَ الحَبِيبُ..

وَكَمْ تَنَاهَبَهُ السُّهَادُ..

مُخَاصِمًا جَفْنَيْهِ..

ذَيَّاكَ الرُّقَادُ..

وَمَا اسْتَقَادَ لَهُ..

الْمَرَامُ الأَصْعَبُ.

والآنَ..

أَسْلَسَ لِلْحَبِيبِ المَطْلَبُ.

قُولِي:

لَقَدْ رَقَدَ الحَبيبُ..

بِحُفْرَةٍ..

وَثَوَى هُنَالِكِ مُفْرَدًا..

مُسْتَوْحِشًا..

لاَ لَمْ يُغَيَّرْ حَالُهُ..

أَوْ ضَاقَ فِي وَجْهَيْـهِ..

سَاحٌ أَرْحَبُ.

قَدْ كَانَ أَزْهَرَ..

مَا تَعَوَّدَ مِنْ دُنَاهُ..

هُوَ الرَّبِيعُ الأَجْدَبُ !.

فَأَيُّ حَالَيْهِ تُرَاهُ الأَصْعَبُ ؟!.

قَدْ كَانَ أَطْهَرَ..

مَا تَعَوَّدَ مِنْ دُنَاهُ..

أَذَى اللَّئِيمِ..

دَعَاهُ كَلْبٌ أَجْرَبُ.

فَأَيُّ حَالَيْهِ تُرَاهُ الأَصْعَبُ ؟!.

قُولِي:

لَقَدْ رَحَلَ الحَبِيبُ..

ذَوَى بِقُبْلَتِهِ..

اخْضِرَارٌ وَارِفٌ..

وَاغْتَالَ بَسْمَتَهُ الْوَضِيئَةَ..

غَيْهَبُ !.

وَثَوَى لَهُ..

في التُّرْبِ قَلْبٌ أَطْيَبُ.

لاَ تَحْزَنِي..

بِاللهِ سَاعَتَهَا..

أَيَا فَجْرَ الطَّهَارَةِ..

كُلُّ حَيٍّ يُطْلَبُ !.

وَأَبُوكِ عِنْدَ الْمَوْتِ..

لَنْ يَأْسَى عَلَى شَيْءٍ أُضِيعَ..

فَمَا لَهُ في الكَوْنِ..

إِلاَّ ذَا الرَّجَاءُ الأَخْيَبُ !.

إِلاَّ فُؤَادَكِ زَيْنَبُ !.

وَأَبُوكِ عِنْدَ المَوْتِ..

لَنْ يَبْكِي عَلَى وُدٍّ خَؤُونٍ..

كُلُّ وُدٍّ عِنْدَهُنَّ..

مُكَذَّبُ !.

إِلاَّ وِدَادَكِ زَيْنَبُ !.

وَأَبُوكِ عِنْدَ القَبْرِ..

لَنْ يَلْوِي عَلَى مُلْكٍ تَوَلَّى..

أَوْ خَلِيلٍ قَدْ تَخَلَّى..

أَوْ حَبِيبٍ قَدْ تَحَلَّى..

بِالْمَوَاعِدِ كَاذِبَاتٍ..

وَانْثَنَى..

فِي لَيْلِ عُمْرِيَ..

بِالخِيَانَةِ يَحْطِبُ.

إلاَّ فُؤَادَكِ زَيْنَبُ.

قُولِي إذَا أَغْمَضْتِ جَفْنِيَ..

رَوْعَتِي ..

وَاخْضَلَّ وجْهِيَ بِالرَّدَى..

وَبِطِيبِ دَمْعِكِ زَيْنَبُ.

وَأُهِيلَ فَوْقِي التُّرْبُ..

فِي يَوْمٍ عَبُوسٍ كَافِرٍ..

فِيهِ المَنَايَا عَازِفَاتٌ..

فَوْقَ صَدْرِيَ لَحْنَهَا..

وَالأُمْنِيَاتُ صَوَارِخٌ..

بِمَدَى الرُّؤَى..

وَالأُغْنِيَاتُ..

بِلَحْدِهِنَّ تُكَبْكَبُ ‍‍!.

قُولِي:

لَقَدْ خُتِمَ القَصِيدُ بِغُصَّةٍ..

وَلْهَى اللَّهَا..

وَرَمَتْ بِلَحْنِ لُحُونِهِ..

بَيْدَاءُ تِيهٍ سَبْسَبُ.

وَخَبَا بِصَدْرِ حَبِيبِيَ الأَغْلَى..

غَرَامٌ مُلْهِبُ.

كَمْ بَاتَ يَرْعَى النَّجْمَ..

يُزْجِي شَجْوَهُ لِلْغَافِلِينَ..

فَلاَ حَبِيبٌ ضَمَّهُ..

مُتَرَفِّقًا وَلَهًا..

وَلاَ أَحْزَانُ رُوحٍ تَغْرُبُ !.

هَذِي دَفَاتِرُهُ..

تُكَفْكِفُ دَمْعَهَا..

شَوْقًا إلَيْهِ..

وَذَا هُنَالِكَ صَوْبَ قِبْلَتِهِ..

ثَوَى ..

في رُكْنِ غُرْبَتِهِ..

مَهِيضًا مَكْتَبُ.

كَمْ بَثَّهُ عِشْقًا..

تَلَظَّى في حَشَاهُ..

وَمَا اسْتَقَامَ لَهُ بِعِشْقٍ..

مَذْهَبُ !.

وَسَتَقْرَئِينَ دَفَاتِرِي وَقَصَائِدي..

أَبُنَيَّتِي..

مَشْدُوهَةً تَتَسَاءَلِينَ:

أَكَانَ يَعْشَقُ..

مِثْلَ رُفْقَتِنَا أَبِي ؟ !.

أَوَ كَانَ يَنْزِفُ..

مِنْ غَرَامٍ وَجْدَهُ ؟!.

أَوَ كَانَ يَذْرِفُ..

مِثْلَ دَمْعَتِنَا أَبِي؟.

وَتُرَى لَهُ بِالخَدِّ..

دَمْعَةُ عَاشِقٍ..

تَتَصَبَّبُ ؟ !.

أَوَّاهُ يَا كَبِدِي..

وَيَا كَبِدَ البَرَاءَةِ..

كُلُّ صَبٍّ مُسْتَهَامٌ..

مُسْتَطَارُ اللُّبِّ..

نِضْوٌ مُتْعَبُ.

لاَ تُغْرِقِي بِالظَّنِّ..

مُهْجَةَ مُهْجَتِي ..

فَأَبُوكِ أَطْهَرُ..

مَنْ تَعَشَّقَ فِي الدُّنَا..

وَحَبِيبَتِي..

عَذْرَا الجِنَانِ..

حَدِيثُهَا آيٌ نَدِيٌّ..

مُطْرِبُ.

وَقُلَيْبُهَا في العِشْقِ..

رَوْضٌ رَبْرَبُ.

وَأَبُوكِ..

يَا حَقْلَ اخْضِرَارِ الحُبِّ ..

قَلْبٌ سُنْدُسِيٌّ..

مُخْمَلِيٌّ..

بَابِلِيٌّ..

كَوْثَرِيٌّ..

لُؤْلُئِيٌّ مُذْهَبُ !.

وَالْعِشْقُ فِيهِ..

إِلَى القَدَاسَةِ أَقْرَبُ !.

وَالعِشْقُ فِيهِ..

حَبِيبَتِي ..

رَغْمَ الرَّدَى لاَ يَذْهَبُ.

وَالعِشْقُ فِيهِ..

بُنَيَّتِي ..

فِرْدَوْسُ زَهْرٍ لاَهِبٍ..

رَوْضُ الصِّبَا..

مِنْ وَجْدِهِ يَتَخَضَّبُ.

لاَ تُمْعِنِي باللَّوْمِ سَاعَتَهَا..

دَمِي ..

إِمَّا تَرَيْنَ خَوَاطِرِي..

بِدَفَاتِرِي كَلْمَى..

وَشِعْرِي بالْمَرَارَةِ نَازِفًا..

كَمَدًا..

وَكِبْرِي مِنْ غَرَامٍ..

رَاعِفًا..

مُتَوَسِّلاً..

مُسْتَعْطِفًا..

يَسْتَعْتِبُ.

مَا كُنْتُ يَوْمًا..

زَهْرَتِي ..

بَيْنَ الرِّجَالِ مُؤَخَّرًا..

سِقْطَ الْمُرُوءَةِ..

خَانِعًا..

أَتَهَيَّبُ.

لَكِنَّهُ الحُبُّ الَّذِي..

أبُنَيَّتِي ..

كَمْ دَقَّ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ..

صَبَابَةً..

وَلَوَى بِكِبْرِ اليَعْرُبِيِّ..

السَّمْهَرِيِّ فُؤَادُهُ..

وَرَمَاهُ..

في وَادِي الفَجِيعَةِ..

بَاكِيًا..

فِي يَأْسِهِ يَتَقَلَّبُ.

نُوحِي هُنَالِكَ للغَريبِ..

وَأَعْوِلِي يَا زَيْنَبُ.

وَدَعِي التَّجَلُّدَ جَانِبًا..

لاَ تَسْمَعِيـهِ..

كُلُّ فِقْهٍ في التَّجَلُّدِ أَكْذَبُ.

مَا كَانَ أَحْوَجَنِي..

لِقَلْبٍ مِثْلِ قَلْبِكِ..

فِي حَيَاتِي..

مِنْ وِدَادٍ يَنْدُبُ !.

مَا كَانَ أَحْوَجَنِي..

لِقَلْبٍ مِثْلِ قَلْبِكِ..

فِي حَيَاتِي..

مِنْ وِدَادٍ يَنْدُبُ !.