عكس الريح

” مدريد ” أتيتك عكس الريح

أجوب الزمن على الأقدام

و أرقب فيك الليل الصاحى

أرمق فيك الفجر الرائع

أرشف منك الشوق بريقا

يصدح حولى بالتلحين …

لم يأخذنى السحر القاتل

لم يأسرنى سيف مقاتل

لم يملكنى بحر زيورخ

أو هزّانى نهر السين

إلاّ انى عشت زمانا

أرقب قبرا عند الشاطىء

كُتب عليه ضريح الشارع

رحم أمرأة تلد الخوف

و تغطس دوما تحت الطين

!!!

” كوبنهاجن “

أرض العرف النازف تيها

خلف المقهى

بين الحانة والملهاة

يدخل فيك الطفل يهادن

يصرخ ملء الحلق ينادى

عند الساحة يا أُمّاه

شدى عرقى قولى حقا

ليلة عرسك مات الشاه

!!!

غرّد صوت الحق الدافىء

سافر فجرا بحر الدهشة للاغصان

لم أتعلم ان اتحجر فوق الرمل

و لا أن أخرج من ذاكرتى دون قيود

لم أتعود عصب عيونى صوب الريح

و لم أعتاد بناء القادم

فوق الكاهل و الاحزان

ليت بفوقى كان البعث

و كانت روحى خلف الوحشة

تلمس روحك بين فينّا و اليونان

ليت بقلبى كان الناس

وكنت أنا كالزحف الكاسر

كنت أنا فجر البركان …

لم أهتز لبعدك أبدا

لا التيار أزاح عمادى

لم يتساقط عند الجدول

لم يتهاوى جيش عنادى

لم يترنّح صوت القوة

لم يندس صدى الايمان

!!!

الله أنا قد همت زمانا فوق اوربا

جئت أجر حديث الصيف القابع قهرا

فى افريقيا و السودان

أحمل بينى

صوت أبى

معراج التقوى

لحن نقائى

عبرة دربى

لحظة قربى للشطآن

يلمح عندى طيب الخاطر

يجذب منى نقط الضعف

يسد رياح الجوع الكافر

يسطع نورا بالقرآن

تملأ عينىِ صورة أُمِّى

فجر الراحة

رمز الطيبة و الإحسان

تسكن قلبى

تأسر حبى

تخرج برقا يرد الساحة

بين المنبر و الاركان

قالت: عفواً

هاجر ابنى

بين الغفو و بين الصحو

تكوّن ابنى ..

بين اللحظة و الابدية

حمل الراية وقت الشدة

عاش زكيا فوق الارض

نقىّ المقصد حَسَن النية

أمى جيئى ليلة فرحى

سُدّى بابا يفتح سرا

زمنا يأتى بالهمجية

!!!

فى دنيانا

ظل الليل يعشش حينا

والاحزان تسافر فينا

عاش الظالم ملء السمع

وكان الفاجر أحسن دينا

!!!

ربّى علّمنى

أن أنتصر لدود الارض

و أن أنتزع وحوش النيل

و قصر الرمل

بيوت النمل

ذئاب الماء

و حزن الناس القابع

زمنا فى الخرطوم

ربّى

عملّنى أن أتسامح

أن أترفع

أن ألتصق بحد السيف

وأن أترفق

لا أتملق

أو أتنكر للمظلوم

الله

أنا قد كنت كبيرا

كنت أميرا

كنت الجبل وكنت الطلق

وكنت القمر بأروع شكل

كنت الشمس وكنت نجوم

جبت الافق

ملأت الشفق

مددت يديا حول الارض

قويا كنت أبا شرعيا للاحزان

و طفل الصبر الساحق هجرا

بين الظاهر و المكتوم

الله متى ما غاب الناس

عن الانظار

وعشت أنا فى جوف الغار

لئن هدّونى

أو مدّونى

إن ردّونى أهل الكهفِ

ان شدّونى نحو النار

نحو المنكر و المذموم

صرت أنا عملاق الدار

ابقى نجمة سعد حُبلى

تملأ ليلك يا خرطوم