أسلبت عقلا في هوى الحسناء

أَسلَبتَ عَقلاً في هَوَى الحَسناءِ

أَفنَيتَ جِسماً قَبلَ حَينِ فناءِ

إِنْ وَصلَها تَبغي بِدونِ خَفاءِ

أَبَتِ الوِصالَ مَخافَةَ الرُقَباءِ

وَأَتَتكَ تَحتَ مَدارِعِ الظَّلماءِ

أَسرَت إِلَيكَ لَدى الظَّلامِ مجدَّةً

أَسرِعْ وَأَلقِ لَها اليَمينَ مخدّةً

أَنّى تَرى بَعدَ التواصُلِ شِدَّةً

أَصفَتكَ مِن بَعدِ الصّدودِ مَودَّةً

وَكَذا الدّواءُ يَكونُ بَعدَ الداءِ

اِسعَد بِلَيلٍ صِرْتَ فيهِ باسِماً

أَفلَتَّ فيه مِنَ المَنيّةِ سالِما

إِذ أَنَّها زارَت لِتُحيي عادِما

أَحيَت بِزَورَتِها النّفوسَ وطالما

فَنِيَت بِها فَقَضَت عَلى الأَحياءِ

أَنا صِرتُ في تِلكَ الزّيارَةِ قِنّها

أَعتَقت نَومي كَي أُشاهِدَ حُسنَها

أَقسَمتُ بِالوَجناتِ مِنها أَنّها

أَمَّتْ بِلَيلٍ وَالنّجومُ كَأنّها

دُرٌّ بِباطِنِ خَيمَةٍ زَرقاءِ

إِنّي إِلَيها قَد جَعَلتُ تَوجُّهي

أُثني وَأَحمَدُ إِذ حَبت ما أَشتَهي

أَصبحتُ مِن فَرَحي وَفرْطِ تَولُّهي

أَبكي وَأَشكو ما لَقيتُ فَتَلتَهي

عَن درِّ أَلفاظي بِدرِّ بُكائي

إِنّي مُطيعٌ أَمرَها أَو ما نَهَت

إِذ أَكرَمت نَفسي بِما مِنها اِشتَهت

إِذ أَبصَرَتني عادِماً وَتَأوَّلَت

أَومَت إِلى جَسَدي لِتَنظُرَ ما اِنتَهَت

مِن بَعدِها فيهِ يَدُ البُرحاءِ

أَضحَت تُشاهِدُ لِلسّيوفِ قِراعَها

أَمسَت تَرى ما لِلحَياةِ أَضاعَها

أَلقَت عَلى تِلكَ الجُروحِ قِناعَها

أَلْفَت بِهِ وَقعَ الصّفاحِ فراعَها

جرحاً وَما نَظرت جراحَ حشائي

أَخَذت تُصفِّقُ بِاليَدينِ كَما تَشا

أَضحَت بِذاكَ كَحائِرٍ قَد أَدهشا

آهِ اِسمَعي قَولي أَمُخجِلَة الرَّشا

أَعَجبتِ ممّا قَد رَأيتِ وَفي الحَشا

أَضعافُ ما عانَيتُ في الأعضاءِ

أَوّاهُ ما لي في الهَوى مِن جُنَّةٍ

أُحمى بِها مِن طَعنَةٍ أَو ضَربة

أَفَلا عَلِمتِ بِما لَهُ مِن سُنّةٍ

أُمسي وَلَستُ بِسالِمٍ مِن طَعنة

نَجلاءَ أَو مِن مُقلةٍ كَحلاءِ