أشمس ما رأيت بلا كسوف

أَشَمسٌ ما رَأَيت بِلا كُسوفِ

أَمِ البدرُ المَصونُ عَنِ الخُسوفِ

أَمِ الدرُّ المنظّمُ في عُقودٍ

بِها اِزدانَ النحورَ مِنَ الخشوفِ

أَجَل غَيداءُ بِكر بِنتُ فكرٍ

تَقَرطَقُ بِالثّمينِ مِن الشنوفِ

كَخوطَةِ بانَةٍ ماسَت دَلالاً

بِلَيِّن عِطفِها الحَسنِ القضيفِ

تَخدّرُ بِالغَريبِ مِنَ المَعاني

وَتَبرزُ بِالبَديعِ وَبِاللّطيفِ

وَلَكِن خُطِّبت مِن غَيرِ كُفؤٍ

وَضيعٍ في البريَّةِ لا شَريفِ

هِيَ الحَسناءُ لَيسَ بِحاجِبٍ حس

نِها لِبسُ الغَليظِ وَلا الشّفوفِ

وَليدةُ فِكرِ مَن أَضحى خَطيباً

بَليغاً بِالبَيانِ وَخير موفِ

فَصيحاً لا يُعبِّرُ عَن مَعانٍ

إِذا ما قالَ إِلّا بِالطّريفِ

وَلا يَهوى بِتَركيبِ المَباني

سِوى المَبنى البَديعِ مَعَ الطّريفِ

هُمامٌ في الوَرى فَردٌ وَجيهٌ

يُعَدُّ مِنَ الأفاضِلِ بِالأُلوفِ

تُطَأطِئ رَأسها أَهلُ المَعالي

وَتَخضَعُ عِندَهُ شُمُّ الأُنوفِ

إِمامٌ في العُلومِ بِلا نَظيرٍ

فَقيهٌ عارِفٌ بِاللَّهِ صوفي

هُوَ البحرُ المُحيطُ فكلُّ بَحرٍ

بِنِسبَتِهِ لَهُ دونَ الطّفيفِ

مُجدِّد ذا الزّمانِ بِلا اِرتِيابٍ

هوَ المَهدي بِذا الزّمَنِ النّحيفِ

وَشَيَّدَ سُنَّةَ المُختارِ طَهَ

كَما قَد شَيَّدَ الدّينَ الحنيفي

وَبِالمَنقولِ وَالمَعقولِ أَضحى

يُزيحُ ظَلامَ زَيغِ الفَيلَسوفِ

وَأَزهَرَ مِنهُ أَزهَرُ مِصرَ عِلماً

فَفاقَ الأَرضَ بِالفَخرِ المنيفِ

وَبالتدريسِ قَد أَحياهُ قَلباً

وَبِالتقريرِ بِالوجهِ الرّصيفِ

وَبِالتصنيفِ وَالتحريرِ أَحيا

رُسومَ العِلمِ مِن كلِّ الصنوفِ

جَزاهُ اللَّهُ رَبّي كُلَّ خَيرٍ

وَسَلَّمهُ مِنَ الهَولِ المُخيفِ

وَأَبقاهُ لِمَن يَرجوهُ كَهفاً

وَغَوثاً لِلعُفاةِ وَلِلضعيفِ

مَدى الأَيّامِ ما غَنَّى هَزارٌ

وَمالَ الغصنُ بِالرّيحِ العَصوفِ