ألا إن للرحمن ربي رأفة

أَلا إِنَّ لِلرّحمَنِ ربّيَ رأفَةً

بِها أَوجَدَ الجنّاتِ فَضلاً وَنِعمَةً

وَطَيَّبها أَهلاً وَنَفحاً وَتُربَةً

أَلا إِنَّ في دارِ المُقامَةِ غرفَةً

مِنَ الذّهَبِ الإِبريزِ وَاللّؤلؤِ الرّطبِ

عَلى حُسنِ تَأليفٍ بَديعٍ مشيّد

لَها قُبّة مَخلوقَة مِن زُمرُّدِ

لَها دَرَجٌ مِن فِضّةٍ ثمَّ عَسجَد

لَها بابُ ياقوتٍ وَبابُ زبرجَدِ

وَباب عَقيقٍ لِلزّيارَةِ للرّبِّ

مُرَصَّنةُ البُنيانِ ينفى زَواله

مُتمَّمَةُ التّشييدِ فيها كَمالُهُ

عَلى حُسنِ تَكوينٍ عَديمٍ مِثالُهُ

بَناها إِلَهُ العَرشِ جَلَّ جلالُهُ

وَكَوَّنَها مِن نَحوِ شَرقٍ إِلى غَربِ

فَكُن رَجُلاً في الدّهرِ خَيرَ خيارِهِ

تَزَوَّدَ بِالتّقوى لدارِ قَرارِهِ

وَذي غُرفةٌ ربّي بَناها لِجارِهِ

فَإِنْ رُمتَ أَن تَحظى بِها في جِوارِهِ

فَتُبْ تَوبَةَ الإِخلاصِ مِن كَدَرِ الذّنبِ

وَدَاوِم عَلى الإِخلاصِ ما عِشتَ وَاِحرِصا

وَبادِر إِلى التّقوى وَفيها تَقمّصا

وَغِب عَنكَ ما تَحيا وتُبْ وَتَخلَّصا

وَعَمّن سِوى مَولاكَ وَاِعبُدهُ مُخلِصا

لَهُ الدّينُ تحبى قرَّة العينِ وَالقلبِ

تَحرَّك بِهِ وَاِسكُنْ تَوجّه بِهِ وَرُمْ

أَحِبَّ بِهِ وَاِبغِضْ كَذا اِمدَح بهِ وَلُمْ

وَصَلِّ بِه وَاِحجُج وَأَفطِر بِهِ وَصُمْ

وَأَبصِر بِهِ وَاِسمَع وَشُمَّ وَذُقْ وَقُمْ

وَنَمْ وَاِمشِ وَاِبطِش وَاِكتَسب أَطيب الكَسْبِ

تَعَلَّمْ بِهِ وَاِعلَم تَأمّل بِفكرةٍ

تَأمّرْ بِهِ وأْمُرْ تذكره بِعبرةٍ

تَبَسَّم بِهِ وَاِفرَح كَذا اِبْكِ بِعَبْرةٍ

لَعَلَّكَ تَحظى بِالنَّعيمِ وَنَظرةٍ

إِلى وَجهِ مَولاكَ الكريمِ وَبِالقُربِ

وَتتحفُ إِحساناً بِخَيرِ مُعجَّلٍ

وَتَسكُنُ في الجنّاتِ أَرفَعَ مَنزِلِ

وَتمنحُ بِالرّضوانِ أَفضلَ مَأمل

وَتَصحَبُ في الفِردَوسِ أَشرَفَ مُرسَلِ

مُحمَّداً المَبعوثَ لِلعُجم والعُربِ

أَجلَّ نَبِيٍّ قَد تَسامَى مَقامُهُ

عَلى خُلْقِهِ مَولاهُ أَثنى كَلامُهُ

فَيا فَخرَ مَنظومٍ يَكونُ خِتامُهُ

عَلَيهِ صَلاةُ اللَّهِ ثمَّ سلامُهُ

كَذاكَ عَلى الآلِ الكِرامِ مَعَ الصّحبِ

بِكُلِّ زَمانٍ ما دامَتِ الأَرضُ وَالسَّما

بِكُلِّ أَوانٍ ما هَوى النَّجمُ أَو سَما

وَوالى عَلَيهِ اللَّه ذاكَ وَتمَّما

مَدى الدَّهرِ ما هَبَّت نَسيم الصَّبا وما

تَبَسَّمَ ثَغرُ الرَّوضِ مِن أَدمُعِ السّحبِ