ألا اثن على أهل المكارم والفخر

أَلا اِثْنِ عَلى أَهلِ المَكارِمِ وَالفَخرِ

ثَناءَ الصَّبا اللطفِيّ على نَفحَةِ الزّهرِ

وَزَيِّنْ نُحورَ النَّظمِ في عَقدِ مَدحِهم

كَتَزيينِ سِلكِ الدُرِّ بارقةَ الثّغرِ

وَأَفصِحْ بِتَبيينِ المَديحِ مُهذَّباً

بِتَحسينِ سَبكٍ فَالبيانُ مِنَ السِّحرِ

وَأَيقن إِذا ما جِئتَ في كلِّ درَّةٍ

بِأَنَّكَ كَالمُهدي الجَواهِرَ لِلبَحرِ

وَصَفِّ جَنانَ الفِكرِ مِن كَدرِ الهَوى

فإنّ صَفاءَ المدْحِ عند صَفا السِّرِّ

أَلَم تَرَ أَنَّ العِشقَ مِنه تشتّتتْ

حَواسي وأعضائي وذِهني مع الفِكرِ

وَلَكنّني أَفلَتُّ مِن قيدِ أَسرِهِ

وَكانَ مُحالاً أَن أُفكَّ منَ الأَسرِ

وَآليتُ أَنّي لا أَحومُ بِقُربِهِ

فَإِنّ الهَوى بِالقَهرِ مستعبِدُ الحرِّ

وَعاذِلَةٍ جاءَت إِلَيَّ تَلومُني

عَلى رَفضِهِ وهيَ الجَديرةُ بِالشرِّ

تَقول رَفضتَ العِشقَ قُلتُ مُجيبها

تَخلّصتُ مِنهُ في اِمتِداحِ أَبي بَكرِ

أَخو المَجدِ شِبلُ العِزِّ نَجلُ أَكارم

أَبو الفضلِ صِنوُ الفخرِ جَوهرةُ الدهرِ

هوَ الصدرُ قَد طابَت مَوارِدُ صَدرِهِ

فَطابَتْ صُدورُ النّاسِ مِن مَوردِ الصدرِ

هوَ السيّدُ الصوّاف أَعذَبُ مَنهَلٍ

بِهِ يَشتَفي قَلبُ المَعالي مِنَ الحرِّ

لَهُ الهِمَّةُ العُليا لَهُ تخدمُ العُلى

لَهُ الشرَفُ العالي عَلى شَرفِ البَدرِ

فَلَو رامَ أَن يَرقى السِّماكَ لَجاءَهُ

عَلى هامِهِ كَالبَرقِ هَرولةً يَسري

لَعَمرُكَ ما ذا العِزُّ إِلّا مَواهبٌ

فَأَنَّى يكدُّ النَّفسَ مُكتَسِبُ الفَخرِ

وَأَنّى الَّذي نالَ العُلى حينَ حَملِهِ

وَمَن نالَها كَسباً لَدى أرذَلِ العمرِ

فَكلُّ اِفتِخارٍ عِندَ آلِ محمّدٍ

وإنّ أبا بكرٍ لَمِن آلِه الطُهرِ

فَفي مَدحِهِ حَلَّيتُ نَحرَ قَصيدَتي

فَضيَّعْتُ ذاكَ الدّرَّ في ذَلكَ النحرِ

وَكُنتَ كَمَن حلّى العجوزَ بِجَوهَرٍ

وَمَن خَلَطَ الشّهدَ المُنقَّحَ بِالخَمرِ

وَأَعلَمُ أَنّي زِدْتُ ذَنبي إِساءةً

بِإِهداءِ ذا النظمِ الحَقيقي بِالنثرِ

وَلَكنّني أَرجوهُ إِذ كُنتُ جانِياً

وَشَأنُ الكريمِ العفوُ عن طالب الغُفرِ

فَيا أَيّها المَولَى إِلَيكَ رفَعتُها

مهفهفةً غيداءَ مضروبةَ الخِدْرِ

وَليدَةُ فِكرٍ لَم أجِدْ خاطباً لها

سِواكَ وقد جاءتكَ جاريةً تجري

فَخُذها بِإِقبالٍ وَلا تُبدِ عَيبَها

فَإِنّ خَفاءَ العَيبِ من شيمةِ الحرِّ

وَدُم في أَمانِ اللَّهِ ما هَبَّ شَمألٌ

وَما تَرقصُ الأغصانُ إِذْ تسجَع القُمري

وَما فاحَ عَرفُ الطّيبِ مِن عطرِ مَدحِكُم

وطابَ ابنُ فتحِ اللَّهِ مِن ذَلِكَ العِطرِ