أمن بعد بين الحب أبعدك البين

أَمِنْ بَعدِ بَينِ الحِبِّ أَبعدَك البينُ

وَبَعدَ الفَنا في الحبِّ يَحبِسُك الدّينُ

أَصابَكَ سِحرٌ أَم سِعايةُ عاذِلٍ

يَرومُ اِفتِراقاً أَم أصابَت لَكَ العَينُ

فَما هَذِهِ إِلّا بِليّةُ مُغرَمٍ

أَضرَّت بِهِ الأَشواقُ وَاِستَحكَمَ البينُ

أَذابَ الجَوى مِنهُ الفُؤادَ وَجِسمَهُ

وَقَد عَمَّ بِالبَلوى وَحاطَ بِهِ الحَيْنُ

عَلى قَلبِهِ قَد غِين مِن عَينِ بعده

وَخُطَّ بِحِبرِ الفَمِّ في قَلبِه الغينُ

أَضَرَّت بِهِ الأَهوالُ وَاِستَحكَمَ الرّدى

وَخانَت لَهُ الأيّامُ وَاِستَحكَم الخَونُ

وَلَيسَ لَهُ مِن ناصِرٍ كانَ يُرتَجى

وَلَيسَ عَلى الأَيّامِ يَبدو لَه عَونُ

أَجلْ بانَ لي حِصنٌ لَه صِرْتُ أَلتَجي

مِنَ السّادةِ الغُرِّ الكرامِ هوَ العينُ

أَبو النَّصرِ مَنْ لِلفَتحِ أَصبَحَ مالِكاً

وَإِنّي لَهُ دونَ الوَرى القِنُّ والقَيْنُ

لَقَد شِمتُه بَدراً جَلا كُلَّ غُمَّةٍ

لَعمرُكَ إنّ البدرَ يُجلى به الغينُ

وَإِن قِستَه بِالبَدرِ وَالبَدرُ عَبدُهُ

وَقَد بانَ لي فَرقٌ فَبينَهُما بَوْنُ

مَهيبٌ لَقَد تَمَّت جَلالةُ قَدْرِهِ

وَقَد زانَها حِلمٌ كَما زانَها هَونُ

وَلَم يَكُ غَيرَ الصفوِ وَالسعدِ وقتُه

وَلَيسَ لَهُ غيرَ العلى والسُّهى أينُ

وَلَيسَ بِهِ عيبٌ وَمَن كانَ زاعِماً

لِعَيبٍ بِهِ فَهوَ الَّذي زَعمُهُ المَينُ

عَلى أَنّ عَيباً لِلفَتى في حسانِهِ

يعدُّ كَمَفقودٍ وَلَيسَ لَهُ عَينُ

عَلى أَنّ عَيبَ المَرءِ بَينَ مَحاسِنٍ

جَميلٌ بِهِ قَد يكملُ الحسنُ والزينُ

وَما ضَرَّ حُسنَ البدرِ مُسْوَدُّ بَعضِهِ

وَقَد جَعلوهُ أَنّه الحسنُ الزينُ

أَلَستَ تَرى حسنَ الشقيقِ بِنُقطَةٍ

وَإِنْ قَد بَدَت سَوداءَ قَد فاتَها الشينُ

وَكَم وَجنَةٍ بِالخالِ كانَ جَمالُها

وَلَولا سَوادُ العَينِ لَم تحسن العينُ

عَليه سَلامُ اللَّهِ ما اِسوَدَّ غاسِقٌ

وَما ضاءَتِ الآفاقُ بِالشَّمسِ وَالكونُ