إن بدري وجهه شمس الضحى

إِن بَدري وَجهه شَمس الضّحى

قَد تَجَلَّت بِالجمالِ الأحسنِ

يا بِروحي حُسنه لم فَضَحا

مِن عَزيزٍ قبله لَم يهنِ

بَدرُ حُسنٍ بِجَمالٍ طَلَعا

في ثُريّا الحُسنِ مِن بُرجِ الكَمالْ

ثَغرهُ الدُّرِّيُّ مِنهُ لَمَعا

بَرقُ دُرٍّ ضَوؤه ظلْم اللّآل

ريقُهُ كَم لِشَجِيٍّ نَفعا

مِن جُنون وَهوَ الخَمرُ الحَلالْ

لَو بِكأس مِنهُ لي قَد سَمَحا

كانَ يَشفي لِفُؤادي الزَّمِنِ

مَن سَقاهُ منهُ يَوماً قدحا

عاشَ في الدَّهرِ وَطول الزمَنِ

فَرقَدُ الصّبحِ تَزاهى فَلَقا

وَلَهُ الفَرعُ هو اللّيلُ البَهيمْ

هام قَلبي حَيثُ فيهِ عَلِقا

فازَ مَنْ في حبِّه وَجداً يَهيم

كَم بِنارِ الخدِّ قَلباً حرقا

وَنَعيم القَلبِ في تِلكَ الجَحيم

جَنّة لَو نَظري قَد منحا

دَوم مَرآها وَخلد السّكنِ

عشتُ في الدّهرِ وَنلتُ المِنَحا

فَرح القَلب عَديم الحزنِ

خوط بانٍ إِذ تَثَنّى بِالدّلالْ

بَطلت مِن قَدّهِ كلُّ القُدودْ

جَوهَري الثّغرِ مَعسول الزّلال

وَعَليهِ طابَ لي مِنهُ الورودْ

بَدرُ حُسنٍ جِيدُهُ جيدُ الغَزال

خالُهُ مُذ حَلَّ في وَردِ الخُدود

هُوَ مِسكٌ ماءُ وَرد رَشَحا

مِنهُ يَحيا كلّ مَيْت قَد فني

قَبرهُ لَو مِنه يَوماً نَضحا

قامَ مِنهُ طارِحاً للكفنِ

هَيِّجوني في هَواهُ هيِّجوا

في هَواهُ حقَّ لي خَلعُ العِذارْ

وَسِواه عنهُ ذِكراً عَرِّجوا

أَي نَجمٍ بانَ مَع شَمسِ النّهار

ما سِوى ذِكراهُ قَلبي يبهجُ

ما بِغَيرِ الحبّ يَحلو لي اِدِّكار

وَيلَ لاحٍ في هَواهُ قَد لَحا

وَخليٍّ فيهِ لم يفتتنِ

لَستُ قَد أَسلوهُ بَل لَن أَبرَحا

بِهَواهُ الدّهرَ بِالمفتتنِ

أَوطف الأَهدابِ مَكسور الجُفونْ

أَحوَر الطّرفِ كَحيل المُقلِ

جَوهَر الحُسن وَبِالحُسنِ مَصون

وَلَهُ الحُسن أَجَلَّ الحُللِ

مَن لِهذا الحُسنِ قَد حازَ يكون

حُسنه وَاللَّهِ بِالمُكتَملِ

عِشق هَذا الحسنِ قَطعاً مَدحا

وَسِواه ربّما لم يحسنِ

وَصَحيح الحبّ صَبٌّ قَد نَحا

لِهَوى هَذا الجَميلِ الحسنِ

ذاكَ خشفٌ يَزدَري كلّ مَهاهْ

وَلَهُ قَلبيَ أَسنى مكنسِ

صَبِّرِ النّفسَ على فَرط جَفاهْ

وَكُنِ الجَلدَ بِصَبر يكتَسي

أَنفِقِ العُمرَ وَبِعهُ في هَواه

وَبِعِ النَّفسَ وَطيب النّفسِ

مَن يَبِعها في هَواهُ رَبِحا

إِذ لَها باعَ بِأَغلى ثَمنِ

مَن يَبعها في الهَوى إِن صَحَّحا

بَيعها فَهوَ الّذي لَم يغبنِ

بِأَبي مِنهُ مُحيّاهُ الوَسيمْ

فَلَقَد راقَ جَمالاً وَصَفا

وَاللّمى يَجري على الدُّرِّ النّظيم

قَد حَكى الشَّهدَ وَفاقَ القرقفا

فَاِبتدر نَحوي وَبادِر يا نَديم

وَعَليَّ أُتْلُ مَزايا مُصطفى

المَسيريِّ الّذي قَد أَصبَحا

حاذِقَ الدّهر ذَكي الفِطنِ

مَنْ لَهُ اللَّه تَعالى وَشَّحا

بِحُلى الفَضلِ وَحُسنِ اللسنِ

قَمَر الفَضلِ وَنجم الأدبِ

كَوكَب العِلمِ وَبدر الشّرفِ

جَوهَر المَجدِ وَدُرَّ النّسبِ

مَن لَهُ العَلياءُ أَسنى صدفِ

وارِث الفَخرِ بِجدٍّ كأبِ

وَلَهُ في النّفسِ بِالفخرِ صفِ

وَلَهُ بِالفَضلِ صِفْ وَاِمتَدحا

وَاِنتَخِب في مَدحِهِ المَدحَ السّني

فَلَهُ بِالفَضلِ أَبدى المِدحا

كُلُّ ذي فَضلٍ بِحَمدِ الأَلسنِ

يا رَعاهُ اللَّه مِن شَهمٍ فريدْ

بِشرُهُ في وَجهِهِ كالبلجِ

درّه العَلياء في العقدِ النّضيد

مُهجًة اللّطفِ وَلُطف المُهَجِ

يَعرب الوَقتِ اِزدَرى عَبد الحَميد

عَنهُ حَدِّثْ لا أَرى مِن حَرَجِ

فَهوَ فَردُ البُلغاءِ الفُصَحا

مِثلهُ قَلَّ كَأَن لَم يكنِ

هُوَ روحُ الفَضلِ عين الصّلحا

بَهجة النّفسِ سُرور الأعينِ

أَيّها الشّهمُ السريّ الأَلمَعي

شاعِرُ الوقتِ البليغ المفلقُ

جَهبَذُ العَصرِ الهُمام اللّوذَعي

وَالإِمام الفَذّ مَن لا يُسبق

فارِس البَحثِ الّذي لَم يُمنع

وَهوَ في مَيدانِهِ لا يُلحق

مَن بِنَظمٍ جادَ حَيثُ اِقتَرَحا

فَحَلا في العَينِ ثمّ الأذُنِ

وَحَباهُ لي بِهِ مُمتَدِحا

فَهوَ عِندي مِن أَجلّ المننِ

دُمتَ في عِزٍّ وَمَجدٍ وَسعودْ

صافِيَ الفِكرِ خَلا عَن كَدرِ

طالِعاً كَالبدرِ في هَذا الوجود

مُزهِراً في الدّهرِ مِثلَ القمرِ

وَعَليكَ اللَّهُ بِالخَيرِ يَجود

وَكَفاكَ اللَّهُ كلَّ الضّررِ

وَعَليكَ اللَّهُ ربّي فَتَحا

مِنهُ بِالعلمِ الشّريفِ اللدني

ما حَمام الرّوضِ فيهِ صَدَحا

وَأَجادَ الصّدحَ فَوقَ الأغصنِ