ابنة الحسن بها الحسن سما

اِبنَةُ الحُسنِ بِها الحُسنُ سَما

وَتَجلَّت بِالجَمالِ الأَنفَسِ

تَكسِفُ الشّمسَ وَتَمحو الأَنجُما

تَخسِفُ البَدرَ وَكلّ الخنَّسِ

صاغَها اللَّه مِنَ الحُسنِ وَصَانْ

حُسنَها عَن أَن يُضاهى بِمِثالْ

جَمَّل اللَّهُ بِها الحُسنَ وَزان

وَسِواها زِينَ مِنهُ بِالجَمال

فَهيَ عَينُ الحُسنِ في كلِّ زَمان

فاضَ مِنها جَوهرُ الحُسنِ وَسال

مَن يُشبِّهْها بِشَمسٍ عدما

فَهمَهُ بَل هُوَ عَينُ الأَهوَسِ

فاسِدُ الرّأيِ بِجَهلٍ وَعَمى

لَو رَأى الفرقَ هُنا لَم يَقِسِ

خَدُّها جَنّةُ حُسنٍ وَهوَ نارْ

نَعّمت قَلبِيَ فيها بِالعِذابْ

نَبتَ الوَردُ بِها وَالجلّنار

وَبِها ياقوتُ أَحشائِيَ ذَاب

وَعَلَيها سُندس السالِفِ دَار

قاصِداً لِلخُلدِ مِن غَيرِ اِرتِياب

بِأَبي النّار بِها الوَردُ نَما

وَاِكتَسى فيها بِأَسنى السندُسِ

لَثمُ هَذي النّارِ مُطفٍ للظّما

مِثلَما فيهِ شِفاءُ الأَنفُسِ

خَالها إِنسان عَيني قَد ظَهَرْ

فَوقَ ذاكَ الخدِّ مثلَ العَنبَرِ

وَبَدا فيهِ عَلى حُسنِ الخَفرْ

نُقطَة في الشّمسِ أَو في القَمرِ

فَهوَ في الشّمسِ كَما صَحَّ الخَبرْ

كَسَوادِ العَينِ وَسطَ الحَورِ

بِأَبي العَنبر يَزهو حَيثُما

كانَ فَوقَ الوَردِ بِالمُنغَرِسِ

وَهوَ مِسكٌ بِلَظى الخَدِّ اِحتَمى

تَحتَ ظِلِّ السّيفِ ثمّ النّرجِسِ

ثَغرُها الأَلمى العُذيبُ الأَشنَبُ

يَلفِظُ الجَوهَرَ مِن بَينِ العَقيقْ

درُّهُ يَزهو عَلَيهِ الحببُ

وَهوَ في الياقوتِ يُسقى مِن رَحيق

سَلسلٍ تَحلو فَينسى الغربُ

رَشفُها إِحياؤُهُ المَوتى حَقيق

هَذِهِ الخَمرة تُحيي الأَعظما

تُنعِشُ الأَرواح مِنها فَاِحتَسِ

لَيتَ شِعري هَل إِمامٌ حَرَّما

هَذِه الخَمرَ عَلى مَن يَحتَسي

مَن يَذُقها يَعِشِ الدّهرَ وَلَم

يَذُقِ المَوتَ فدى عَين الحَياهْ

لَم يَذُقها خِدن داءٍ وَسَقَم

مُزمنٍ إِلّا بِها نال شِفاه

إِنْ تَرُمْ أَن لا يُدانيكَ العَدَم

فَاِرتَشِفها وَهيَ ما بَينَ الشّفاه

فَالّذي ما بَينَها أَسنى اللّمى

يُذهِبُ الغمَّ وَضيق النّفسِ

وَتَكن مَعها لَثمت المَبسما

حاوِيَ البَرقِ وَحسْنِ اللعسِ

جَفنُها المَكسور مِن حُسنِ الوَطَفْ

وَهوَ مَكحولٌ بِسِحرِ الدّعجِ

فَلَكم بِالسّحرِ مِن عَقلٍ خَطَف

وَبِهِ قَد طالَ سَلبَ المهجِ

كُلّما الهدبُ مِنَ الغمزِ اِنعَطَف

رَشق النّبلَ بِأَحشاءِ الشّجي

وَبِهِ يصمي فُؤاداً قَد رمى

وَلَوِ اِحتَفّ بِحِفظِ الحرسِ

وَهوَ مَخمورٌ بِخَمرينِ هُما

خَمرةُ الحُسنِ وَخَمر النَّعَسِ

لَحظُها الأَحوَرُ سَيفٌ باترُ

لَم يَدَع مِن مُهجَةٍ إِلّا فَتَكْ

فيهِ إِنسانٌ وَلَكِن ساحِرُ

يَنسِجُ السّحرَ لِأَمثالي شَرَك

لَو أَرادَ الشّمسَ إِذ تظَّاهرُ

صادَها وَاللَّه مِن كبدِ الفَلَك

لَيتَ شِعري مَنْ رَأى مَنْ عَلِما

ساحِراً في الجِنِّ أَو في الأنّسِ

صائِداً لِلشّمسِ مِن كَبدِ السّما

أَو سِواها كَالجَواري الكنَّسِ

وَجهُها الشَّمسُ مَحَت حُسنَ المِلاحْ

وَرَفيع الحُسنِ مِنهم وُضِعا

صدغُها العَقرَبُ وَسطَ الشّمسِ لاح

عِندَ قَوسِ الحاجِبين اِرتَفعا

فَرعُها وَالفَرقُ لَيلٌ وَصَباح

فَوقَ شَمسِ الوَجهِ حُسناً طَلعا

لَم يَغيبا في نَهارٍ مِثلَما

لَم يَغيبا حينَ جَنح الحندسِ

ذَلكَ اللّيلُ تَداجى مُظلِما

ذَلكَ الصّبح مُضيئ الغلسِ

قَدُّها الغصنُ وَلَكِن بِالدّلالْ

مِن يَدِ الحُسنِ تَبَدّى يَنثَني

يَزدَري بِالرّمحِ طولاً وَاِعتِدالْ

وَيحَ قَلبي مِنهُ ظَهري مُنحَني

كُلّما الحسنُ لَهُ عِطفاً أَمال

يَزدري بِالمَيل مَيل الأَغصنِ

أَسِواهُ يَزدَري الغُصنَ وَما

كُلُّ قَدٍّ يزدري بالميسِ

وَلو الغصن بِهذا أَعلَما

لَتَمنّى أَنَّه لَم يُغرَسِ

جيدُها مِثلُ عَمودِ الصُّبحِ بانْ

حُسنُهُ فاقَ ضِياءَ الكَوكبِ

وَعَليهِ عقدُ دُرٍّ وَجُمان

فيهِ حارَ الطّرفُ وَالعقلُ سُبِي

كَنُجومِ الأُفقِ تَبدو لِلعَيان

ضَوؤُها مِن مَشرق لِلمَغربِ

بِأَبي الأَنجُمُ عقداً نظما

وَعَمود الصّبحِ فيهِ يَكتَسي

تَحتَ نورِ الشّمسِ نوراً بسما

وَثُرِيَّا الشنفِ مثل القبسِ

غادَةٌ لِلحُسنِ فيها مَفخرُ

فَخرُ ذاتِ الحُسنِ في أَسنى الحُلِي

إِن رَأَتها الشّمس لَيسَت تظهرُ

خَشيَةَ الكَسفِ وَذلِّ الخَجَلِ

بِعَلِيِّ الحسنِ تيهاً تفخرُ

صَدَقت ما الفَخر إِلّا بِعَلي

مَن لَهُ سامي المَعالي خَدَما

وَبِهِ فازَت بِرَفعِ الأَرؤُسِ

مَن بِهِ المَجدُ تَسامى وَسَما

وَبِهِ صارَ أَشَمَّ المعطسِ

دَوحَةُ العِزِّ وَفَخرُ الشّرفِ

مُقلَةُ الدّهرِ وَإِنسانُ الكَمالْ

في ذُرى العَلياءِ أَسنى الغرفِ

قَد بَناها فَوقَ هاماتِ المَعال

حَدّث الدّهرَ وَسِرْ لا تَقفِ

عَنهُ بِالمَجدِ وَبالِغ بِالمَقال

لَم تَطُل وَاللَّهِ مِنهُ عشرُ ما

حازَهُ أَو عشرُ عشر الخُمسِ

كَيفَ يُحصى البَحرُ قطعاً إِنّما

ظَنُّ حَصرِ البحرِ عَينُ الهوسِ

يا لَهُ مِن أَمجَدٍ قَد جَمعا

كَرمَ الأَصلِ وَأَعلى النّسبِ

وَحَوى مَع حَسبٍ قَد رُفِعا

شَرفُ العِلمِ وَحسنِ الأدبِ

فيهِ مَجدُ الدّهرِ وَالفخرُ مُعا

وَبِهِ الفَخر لِأمّ وَأَبِ

قَسَماً بِاللَّه مَن قَد أَقسَما

بِالضُّحى وَاللّيلِ ثمَّ الخنَّسِ

هَكَذا الفَخرُ وَلَكِن قَلَّما

هَكَذا المَجد وَمَن فيهِ كُسي

يا رَعاهُ اللَّه مِن حَبْرٍ إِمامْ

إِذ بِهِ كلُّ إِمامٍ يَقتدي

جَهبَذٌ فَردٌ شَهيرٌ وَهُمام

مُتَردٍّ بِكمالِ السّؤددِ

شَمسُ هَديٍ أَشرَقَت تَهدِي الأنام

بِهُداها كلُّ نَجمٍ يَهتدي

نُورُها وَاللَّهِ يَجلو الظُّلُما

فَلَهُ بادِرْ وَمِنهُ اِقتَبس

تَكتَسِبْ وَاللّهِ مِنهُ حِكَما

لَيسَ يُعطاها سِوى المُقتَبِس

أَسَدٌ وَاللَّهِ لا يَخشى الأُسودْ

يُثبِتُ الحقَّ وَيَمحو الباطِلا

يَنطِقُ الحقّ عَلى رَغمِ الحَسود

لَم يَكُن في اللَّهِ يَخشى قائِلا

مَن يَقولُ الحَقَّ وَاللَّهِ يَسود

مَن يَقولُ الحقّ كانَ العاقِلا

كَم بِقَولِ الحقِّ قرماً صَدَما

وَعَليهِ صالَ كَالمُفتَرِسِ

كَم بِسَهمِ الحقِّ مِن ليثٍ رَمى

وَبِسَهمِ الحقِّ يَرمي عَن قِسي

كَعبَةُ القَصدِ وَنجح الأربِ

دَوحَةُ المَعروفِ ذات الثّمرِ

مُهجَةُ اللّطفِ وَروحُ الأَدبِ

لُطفُهُ فاقَ نَسيمَ السّحرِ

حاتمُ الجودِ سَخِيُّ العَربِ

أَخجَلَت كَفّاهُ سَحَّ المَطرِ

إِذ هُما عَينٌ تَفيضُ الكَرَما

في سِوى كَفَّيهِ لَم تَنبَجِسِ

ما سَمِعنا مِثلَهُ في الكُرَما

وَلَديهِ مِثلَ مَعنٍ قَد نُسي

نَجلُ سُلطانِ جَميعِ الأَولِيا

عارِفُ الأَقطابِ قُطبُ العارِفينْ

سَيِّدي الجيلِيُّ شَيخُ الأَتقِيا

صاحِبُ الأَسرارِ وَالكَشفِ المُبين

مُقتَفي آثارِ خَيرِ الأَنبِيا

جَدُّهُ المُختارُ خَيرُ المُرسَلِين

مَن لَهُ اللَّهُ تَعالى كَلَّما

وَحَباهُ بِالدنوِّ الأَقدسِ

حينَما أَسرى بِهِ رَبُّ الّسما

مَعَهُ جِبريلُ رُوحُ القُدُسِ

دامَ ذاكَ الشّهمُ في أَهنى الهَنا

ناعِمَ العَيشِ وَبِالعَيشِ الهَني

لا يرى في الجِسمِ مِنهُ وَهَنا

بَل يُرى الدّهرَ صَحيحَ البدنِ

وَعَليهِ اللَّهُ وَالى المِنَنا

ما تَغَنَّى الورقُ فَوقَ الفننِ

ما تَجَلَّى الرّوضُ مِن وَبلٍ هَمى

بِلُجَينِ الزّهرِ فَوقَ السندسِ

ما اِبنَةُ الحُسنِ بِها الحُسنُ سَما

وَتَجلَّت بِالجَمالِ الأنفسِ