الخلق يا صاح معدوم ومفقود

الخَلقُ يا صاحِ مَعدومٌ وَمَفقودُ

وَلا يَدومُ سِوى مَولاكَ موجودُ

مَنْ ذا المخلَّدُ في الدّنيا يَدومُ بها

لَو كانَ كانَ لِخيرِ الخلقِ تخليدُ

هَلّا رَأَيت كِرامَ الخلقِ قَد ذَهَبوا

وَكلّهم ضِمنَ جَوفِ الأَرضِ مَلحودُ

فَأَينَ أَين البنون الكِرام مَضوا

وَأَينَ أينَ المُلوك الغرّ والصِّيدُ

وَحيثُ أَن البَرايا لا بَقاءَ لَهم

فَلا عَجيب إِذا لم يبقَ خرشيدُ

مُحمَّدٌ تُلِيَت في النّاسِ سيرَتهُ

بِسورةِ الحَمدِ وَهوَ الدّهرَ مَحمودُ

لَقَد تَجَسَّم مِن حُسنٍ وَمِن أَدب

وَإِنّه مِن سنيِّ الحسنِ مَولودُ

وَكانَ في دُررِ الأَوقاتِ جوهرةً

بِها لِجيد العُلى في الدّهرِ تَقليدُ

فَريدة وَبِها عقد الكمالِ حلا

وَاِزدانَ وَهوَ بها في النّظمِ مَنضودُ

في حُسنِ خلقٍ بِسمتٍ راقَ رَونَقه

وَحسنهُ بِرَقيقِ الطّبعِ مَمدودُ

مُهذَّب كامل تَحلو خَلائِقهُ

وَفي ذَوي اللّطفِ وَالآدابِ مَعدودُ

عَذب الحَديثِ وَمرّ الجد صائبه

حُلو الفكاهَةِ مِنها الشهدُ مَشهودُ

الفارِسُ الفَحلُ وَالهِلقامُ مُجتَرِئاً

مَن لا يُضاهيهِ أَن لَوْ صَال صنديدُ

سِلاح دارِ وَزير لا نَظير لَهُ

وَمثلهُ الدهرَ مَعدومٌ وَمَفقودُ

أَخو السّيادَةِ عبد اللَّهِ في شَرفٍ

مَن مَجدهُ نالَها بالعزِّ تَأييدُ

شَمس الوِزارَةِ لا زَالَت ولا غَربت

وَنالَها في ثُريّا العزِّ تَأبيدُ

الضّيغم الأَسد الضّرغام مُفترساً

مِن صيتِ سَطوتِهِ تُردى الصناديدُ

بَحر النّدى وَالسّخا مَنْ جودُ راحَتِهِ

لَو لَم يَكُن لَم يَكن قَد يُعرف الجودُ

وَهوَ السّعيد بِهِ أَتباعه سَعِدوا

فَفيهِ تابعه خرشيد مسعودُ

دَعاهُ مَولاهُ لِلفِردَوسِ يَسكُنها

لَبّى وَما عِندهُ في الأَمرِ تَرديدُ

وَسارَ نَحوَ جِنانِ الخُلدِ يَقصِدُها

وَجَدَّ وَهوَ لَهُ الجنّات مقصودُ

وَحَلَّ فيها قُصوراً قَد سَمَت وَعَلَت

وَزانَها مَع حُلى التّرصينِ تَشييدُ

بِجنَّةِ الخلدِ مَع أَسنى النّعيمِ بِها

أَرخت حُبّاً بِطيب فازَ خرشيدُ

عَلَيه أَهمى إِلاهُ العَرشِ سيّدُنا

وَبلَ الرِّضاءِ وَلا يعروهُ تَحديدُ

مَدى الزّمانِ وَما هَبَّت نَسيم صبا

وَقامَ في الغصنِ ورق وَهوَ غرّيدُ

ما البَرقُ لاحَ وَما نَجمُ السّماءِ بَدا

ما الشّمسُ قَد طَلَعت ما الظلُّ مَمدودُ

ما الفَتحُ قَد قالَ تَذكيراً وَمَوعِظَةً

الخلق يا صاحِ مَعدومٌ وَمَفقودُ