ببحار جودك تغرق الأمجاد

بِبِحارِ جُودِكَ تَغرَقُ الأمجادُ

وبسَيف عزّك تُذبَحُ الأوغادُ

وَبِنورِ وَجهكَ ذا الزمانُ منوّرٌ

فله الهَنا بك كلُّه أعيادُ

وَبِحُسنِ رَأيِك والرشادُ يَحوطُهُ

يَبدو صَوابٌ نَحوَهُ وَسَدادُ

وَبِظِلِّ عَدلِكَ لا زَوالَ يَمُسُّهُ

تَحيا بِلادٌ عَمَّها وَعِبادُ

وَبِبابِ جاهِكَ كلُّ سَعدٍ واقفٌ

وَبِبابِ مَجدكَ تَخضَعُ الآسادُ

وَبُروقُ عَزمِكَ إِنَّهنّ سَواطِعٌ

وَسُيوفُ بَأسِكَ إِنَّهنّ حِدادُ

فَإِذا ذكرت عَلى العدوّ كَأَنَّهُ

في كَفِّهِ سَمَكٌ هُوَ الرعّادُ

وَإِذا سَطَوتَ عَلى الأُلوفِ مِنَ العِدا

شتّتّهُم فألوفهم آحادُ

وإذا سَللتَ على العِداة قواضباً

فَغِمادُها الأحشاءُ والأكبادُ

وَإِذا هَزَزتَ عَلى العِداةِ أَسِنَّةً

نُظِمَت بِها الهاماتُ وَالأجسادُ

وَإِذا جَرى ذِكرُ الكِرامِ بِمَحفَلٍ

ذَكَروكَ وَحدَكَ وَاِنتَهى التّعدادُ

أَنتَ الكِرامُ وَبِاِسمِهم تُدعى وكَمْ

بِاِسمِ الجُموعِ تَسمَّتِ الأَفرادُ

ما كُنتَ تَنهَرُ سائِلاً أَبَداً وَلَو

كَثرت عَلَيكَ مِنَ الوَرى القُصّادُ

وَلَئِن نَهَرت لَهُ البِشارَةَ إِنّه

يَحيا بِجودِكَ جِسمه وَفؤادُ

وَالأَرضُ تبشر بِالرّبيعِ إِذا أَتى

مِن قَبلِهِ الإِبراقُ وَالإِرعادُ

وَإِذا خَلَوتَ عَنِ النظيرِ فَلَم يحل

أَن لا يُرى لَكَ في الوَرى أَندادُ

فَإِذا اِدَّعى فيكَ الزَّمانُ مُشابِهاً

قَد صَدَّهُ عَمّا اِدَّعى الأَفرادُ

ما كانَ مِثلُك في الوجودِ مُملَّكٌ

أَنّى بِمِثلِكَ يَسمَحُ الإيجادُ

يا راكِباً فَوقَ السُّهى مَتنَ العُلى

بِالسَّعدِ حين تَقودُها تَنقادُ

لَو كانَ بَيتُكَ في السّماءِ لَكانَ في

كَبدِ السّماءِ عَلى السّعودِ يُشادُ

لَو كُنت نَجماً ما بَدَت شَمسٌ وَلا

ضَاءَت بِغَيركَ في الأنامِ بِلادُ

لَو أُسعِد الإسعادُ دونَك مِن فَتى

فَلَكم بمثلِكَ يسعدُ الإِسعادُ

لَك همّةٌ كَالبرقِ وَهيَ عَلِيَّةٌ

كَالرّيشِ تَبدو عِندَها الأَوتادُ

لَكَ هَيبةٌ مِنها الضَّياغِمِ تَختَشي

وَيَدكُّ مِنها في الوَغى الأَطوادُ

يا سَعدَ عكّا إِذ رَفَعتَ مَنارَها

وَالغيلُ تَرفَعُ قَدرَهُ الآسادُ

جاءَ الفرنسيسُ اللّئامُ لِمَرجِها

فَثَناهُمُ عَن أَخذِها الإِبعادُ

عَمَّ العَمى مِنهُم عُيونَ بَصائِرٍ

وَتَخيَّلوا أَنَّ الضّلالَ رَشادُ

مِن جَهلِهِم أَلقَوْا بِأَيديهِم إِلى

نَحوَ الهَلاكِ ضَلالةً وَاِنقادوا

قَهَروا مُلوكاً بِالقتالِ فَحَصَّلوا

بِالحَربِ ما شاؤوا بِهِم وَأَرادوا

لَكِن خُلِقت لِقَهرِهِم وَلِذَبحِهم

فَلِقَهرِهم لا شكّ أَنتَ مُرادُ

أَطفأتَ نارَ حُروبِهم بِمثالِها

فَمَضَت وَما مِنهُم لَها إِيقادُ

ما حارَبوكَ حُروبَهم إِلّا غَدَوْا

يَعلوهُمُ الإِذلالُ وَالإِكمادُ

أَلبَستَهم حُمرَ البرودِ مِنَ الدِّما

فَنِساؤُهُم أَثوابُهُنَّ سَوادُ

وَكَأَنَّهُم لا شَكَّ جَمرةُ لَيلةٍ

قَد أَصبَحَت في الصّبحِ وَهيَ رَمادُ

يا فَخرَ عَكّا في البِلادِ فَإِنّها

تاجُ البِلادِ وَسورُها وَعِمادُ

فيها حَميتُ الدِّينَ دينَ مُحَمَّدٍ

وَهَدَمت لِلكفّارِ ما قَد شادوا

وَبكَ اِحتَمَت أَموالُنا وَبِلادُنا

وَدِماؤُنا وَالعِرْضُ وَالأَولادُ

يا وَيلَ قَومٍ أَنكَروكَ جَهالَةً

وَالغِيُّ جَهلٌ وَالضّلال عِنادُ

لَو أَنكَروا ما قَد فَعَلتَ فَإِنَّما

إِنكارُ فَضلِكَ في الدُّنى إِلحادُ

ما كان ربُّكَ بِالمُضيعِ مُجاهداً

وَلِوَجهِهِ قَد كانَ منهُ جِهادُ

فَلَقَد حَباكَ مِنَ الثّناءِ حَميدَهُ

حَتّى غَدَت تَأتي بِهِ الأَضدادُ

وَحَميدُ صيتٍ في الأَنامِ كَعَنبرٍ

حَتّى فَشا وَأَشاعَهُ الحسّادُ

وَجِهادُهم أَعلى مَناقِبَكِ الَّتي

يَفنى لَدى إحصائِها الأعدادُ

بَل تِلكَ مِن حَسناتِكَ الحَسناءِ في

يَومِ القِيامَةِ وَهيَ نِعمَ الزّادُ

لَو لَم يَكُن لَكَ غَيرَها لَكَفَتكَ في

يَومٍ يَقومُ النّاسُ وَالأَشهادُ

يا أَيّها الجزَّارُ أَعناقَ العِدى

يا مَن هوَ السّاداتُ وَالأَمجادُ

إِنّي اِمرُؤٌ مِمّن يُحبُّونُ الّذي

أَحبَبته وَلِمَنْ بَغضتَ يُعادو

وَمِنَ الّذينَ حَديثُ شُكرِكَ عِندَهم

يُتلى لديهم دائماً ويُعادُ

هُم أَهلُ بَيروتَ الَّذينَ تَزَيَّنت

مِنهُم بِدُرِّ عَطائِكَ الأَجيادُ

وَمَلَكتَهم وَوِدادُهُم لَكَ صادِقٌ

ما إِن لَهُم فيمَن سِواكَ وِدادُ

لا نَقصَ فيهِ وَلَست فيهِ مُشاركاً

بَل فيكَ دَوماً لَم يَزَل يَزدادُ

وَلَقَد خَدَمتُكَ مادِحاً بِقَصيدَةٍ

وَمَديحُ مِثلك في الأنامِ رَشادُ

كَخَريدَةٍ يُرخي الحياءُ جُفونَها

وَيَميسُ فيكَ قَوامُها الميّادُ

جاءَت إِلَيكَ لِكَي تُقَبِّلَ راحَةً

يَحيا بِها العافونَ والوُرّادُ

ما قَصدُها إِلّا الرّضاءُ وَإِنّها

تَرجو القَبولَ وَإِنّه لَمُرادُ

وَاِسلَمْ وَدُمْ بِالسَّعدِ في شَرَفِ العُلى

لَكَ يَلزَمُ الإِسعافُ وَالإِسعادُ

ما طابَ مِن عَرفِ الكَلامِ وَطيبِهِ

بِمَديحِكَ الإِنشاءُ وَالإِنشادُ