بجماله خطف العقول وأدهشا

بَجَمالِهِ خَطَفَ العُقولَ وَأَدهَشا

خَجل البُدورَ فلَم تَبُحْ وَقتَ العشا

هَتَكَ الشّموسَ بِحُسنِهِ مُنذُ اِنتَشى

فَضَحَ الغُصونَ بِعِطفه لَمّا مَشى

ظَبيٌ وَلَكِن مِن مَراتِعِهِ الحَشا

يَزهو بِغرّتِهِ وَإِنَّ جَبينَها

شَمسُ الضّحا ما البدرُ إِلّا دونَها

يَسطو فَيَأسِرُ في المُلوكِ أَمينَها

يَرنو بِأَلحاظٍ كَأَنَّ جُفونَها

ضَمَّت إِلى قَوسِ الحَواجِبِ تركشا

بَسّامُ ثَغرٍ بِالجَواهِرِ كُلّلا

وَرُضابُه خَمرٌ حَلالٌ قد حَلا

نَشوانُ مِن خَمرِ الشّبابِ تَدلّلا

سَكرانُ لا مِن شُربِ صافيةِ الطُّلى

لَكنّه بِمدامِ ريقَتِه اِنتَشى

شِبْلُ الجَمالِ مِنَ المَحاسِنِ يَجتني

وَيَميسُ كَالغصنِ الرّطيبِ الليِّنِ

فَتَراهُ مُعتَدِلاً وَطَوراً يَنحَني

يَختالُ بِالقدِّ النّضيرِ وَيَنثَني

كَالرّمحِ في غِيل الضّراغِمِ اِنتَشى

مَنْ لي بِهِ ساجي العيونِ وَأَوطفُ

بَل ناعِمُ الجِسمِ الرّطيبِ ومترَفُ

يُدميهِ طَرفي لَو إِلَيهِ يطرفُ

مَنْ لي بِهِ قاني الخُدودِ مُهَفهفُ

صَلْتُ الجَبينِ إِذا تَبدَّى أَدهشَا

لَمّا تَزاهى خَدُّه بِوُرودِهِ

وَحَلا زُلالُ رُضابِهِ بِوُرودِهِ

وتَظاهَرَ الرّمّانُ فَوقَ نُهودهِ

مَدّ العِذارُ عَلى وُرودِ خُدودِهِ

رَيحانَةَ الغُصنِ الزكِيِّ وَعَربَشا

ظَلمَ المحِبَّ وَلَيسَ يُحسَبُ ظالِما

وَلِعُمْرِ مَن يَهواهُ أَصبَحَ هادِما

يا لَيتَ شِعري كَيفَ أَرجِعُ سالِما

وَعُيونُه سَلَّت عَليَّ صَوارِما

لا خافَ مَن طَلبَ القَصاصَ وَلا اِختَشى

يا لَهفَ قَلبي بِالصّبابَةِ قَد غَلا

وَإِذا بِهِ جَمرُ التباعُدِ وَالقِلى

أَوَّاهُ مِن هَجرٍ لِجِسمي ضمْحَلا

وَيلاهُ مِن مُبدي الصّدودِ تدلّلا

حَكَمَت مَحاسِنُه عليَّ بِما يَشا

سَلَبَ العُقولَ بِحُسنِهِ وَالأعيُنا

وَقَدِ اِزدَرى بِقَوامِهِ سُمرَ القَنا

وَبِسِحرِ لَحظَيهِ كَساني بِالضّنا

إِنْ لاحَ فَهوَ البدرُ وَإِنِ اِنثَنى

فَهوَ القَضيبُ وَإِن رَنا فَهوَ الرّشا

يا وَيلَ قَلبي وَالحَبيبُ تَباعدا

إِذْ هِمتُ صَبّاً في هَواهُ واجِدا

وَتَركتُ فيهِ أَحِبَّتي وَالوالِدا

أَوّاه مَنْ لي في هَواهُ مَساعِدا

يا لَيتَهُ لَو بِالتّحيّةِ أَنعشا

أَطفِئْ بِقُربِكَ مِن فُؤادي جَمرةً

وَاِجعَلْ لِإِحيائي بِوَصلِكَ وَصلةً

وَاِرفَعْ جَفاءَكَ يا حَبيبي رحمةً

صَبري اِضمَحَلَّ مَعَ التجلُّدِ صَبوةً

وَالقَلبُ مِن حَرِّ الغَرامِ تَعَطَّشا