بغير العلا والفخر لا يحسن الجد

بِغَيرِ العُلا وَالفَخرِ لا يَحسُنُ الجدُّ

وَلَيسَ بِغَيرِ الفَضلِ يُكتسَبُ المجدُ

وَما المَرءُ إِلّا بِالمُروءَةِ فَخرُه

وَما الفَخرُ إِلّا العَقلُ وَالذَوقُ وَالرِّفدُ

فَدونَكَ قَصْبُ السَّبقِ في حَلبةِ العُلى

وَدونَكَ خَيل الفَضلِ لِلسبقِ إِذ تَعدو

وَشاهِدْ نُجومَ العِزِّ فَوقَ سَمائِهِ

فَمُدَّ لَها هاماً إِلى العِزِّ تمتدُّ

وَكُنْ بازِياً يَصطادُ كُلَّ فَضيلَةٍ

وَكُنْ رَجُلاً تَخشاهُ مِن خَوفِها الأُسْدُ

وَكُن سَيِّداً بِالحَزمِ باتِرُ عَزمِهِ

يقدُّ بِهِ هامَ الصخورِ فَتَنقدُّ

وَلا تَخشَ مِن رَيبِ الزَّمانِ وَصَدْعهِ

فما الحُرُّ ذا جُبنٍ إذِ الرّيْب يشتدُّ

فَإِنّي اِمرُؤٌ لا يختشي قَهرَ دَهرِهِ

فَإِن كنتُ أَخشاه فإنّي اِمرؤٌ وَغْدُ

رَكِبت إِلى العَليا عَلى غارِبِ السُّها

وَخُضتُ بِحاراً في النّوى ما لها حَدُّ

أَميل إِلى صَيدِ الكَمالِ وَكَسبِهِ

وَلَم تَكُ تُشجيني المَعاطِفُ وَالقَدُّ

وَلَستُ بِمَيّالٍ إِلى حُسنِ وَجنَةٍ

وَما لَذّ لي مِنها الوُرودُ وَلا الوردُ

وما لي اِلتِفاتٌ نَحوَ سَلمى وَعَبلَةٍ

وَما مَلَكت قَلبي سُعادٌ ولا دَعدُ

وَلا هَزَّني وَجداً مِنَ الغِيدِ غادَةٌ

يَزينها عِقدٌ كَما زانَها نَهدُ

فَقَد سُدْتَ أَهلَ المَجدِ مِن قَبلِ مَجدِهم

وَمَجدي عَلى منوالِهِ جَلّ أَن يَسدوا

وَإِنّي لَو صِرتُ المَليكَ على الورى

فَإِنّيَ طولَ الدَّهرِ لِلكزبري عبدُ

إِمامٌ حَوى مِن كلِّ وَصفٍ حَميدَهُ

فَأَثنى عَلى أَخلاقِهِ المدحُ والحمْدُ

هُمامٌ إِذا ما لاحَ في البَحثِ جايلاً

فَلَيسَ سِواه عِندَ مَيدانِهِ يعدو

ذَكِيٌّ يَفكُّ المشكلاتِ بِفِطنَةٍ

وذِهنٌ له من نور خالِقِهِ وَقْدُ

هُوَ البدرُ وَالأَرواح مَشرِقُ نورهِ

هو الشَّمسُ لا زالَت يُلازِمُها السّعدُ

هوَ اللُّؤلُؤُ المَكنونُ وَالدُرّةُ الّتي

تَجِلُّ اِرتِفاعاً أَن يَكونَ لَها نِدُّ

تَفرَّدَ بِالأَفضالِ وَالفَضلِ مِثلَما

تَفَرَّدَ فيهِ المَجدُ وَاللّطفُ وَالزّهدُ

يُقابِلُ مَن عاداهُ بِاللّطفِ وَالنّدى

وَحاشاهُ يَجزي الوَغْدَ ما فعل الوغدُ

فَمِن نَفسِهِ لِلنّاسِ تَبدو تِهامَةٌ

وَمِن قَدرِهِ السامي لَقَد ظَهَرَ نجدُ

وَعَن ثَغرِهِ الضحّاكِ نَروي جَواهِراً

تَودُّ نُحورُ الحُورِ لَو أَنّها عِقدُ

فَقُل لِلَّذي قَد رامَ حَصرَ خِصالِهِ

تَكَلَّفتَ أَمراً فيهِ لا يَنفَعُ الجَدُّ

فَأَوصافُه هَيهاتَ علمُك كُنهَها

أَتُدركُ كُنْهاً لَيسَ يَضبِطُهُ الحدُّ

فَلَستَ بِمُحْصٍ عُشرَ مِعشارِ عُشرِها

وَهَل أَنتَ مُحصٍ ما اِنتَهى دونَهُ العَدُّ

فَإِن رُمتَ نَيلَ السَّعدِ فَاِخدم نِعالَهُ

لِتَخدِمَك العُليا وَيَلزمَكَ السَّعدُ

فَيا أَيُّها المَولى الَّذي حازَ هِمَّةً

وَعَزماً كَسَيفٍ لَيسَ يُمسِكُهُ غِمدُ

فَهاكَ وَقاكَ اللَّهُ كلَّ كَريهَةٍ

وَليدةَ فِكرٍ هاجَها نَحوَكَ القَصدُ

تَأَمّلُ غَضَّ الطرفِ عَن لَمحِ عَيبِها

وَأَنتَ غَضيضُ الطّرفِ قَبلُ وَمِن بَعدُ

وَتَرجو قَبولاً مِنكَ فَضلاً وَمِنّةً

وَتَقبيلَ راحاتٍ بِهِ يُنعَشُ الكبدُ

وَدُم في أَمانِ اللَّهِ ما هَبَّتِ الصَّبا

وَقامَ هَزارُ الرّوضِ في غُصنِهِ يَشدو

وَحَيثُ اِبنُ فَتحِ اللَّهِ يَلتَذُّ مدحَكم

وَلَيسَ عَجيباً أَن يَلَذَّ لَهُ الشّهدُ