تبسم زهر الروض حين بكى الطل

تَبسّمَ زَهرُ الرّوضِ حينَ بَكى الطّلُّ

وَقَهقَهَ ثَغرُ النّهرِ حين هَمى الوَبْلُ

وَحَلّ عِذار الآسِ وَجنةَ جَدولٍ

فَأَبصرَها مِن نَرجِسٍ أعينٌ نُجْلُ

وَحَلّى رَبيعُ الروضِ عاطلَ جِيدهِ

فقلَّده عِقداً من الزّهرِ إذ يحلو

وقامَ خطيبُ الطيرُ يسجَعُ بُكرةً

فَكَمْ نُبِّهت أُذنٌ وَأَفئِدةٌ غُفلُ

كَأَنّ حمامَ الأَيكِ صُبحاً دَواخلٌ

تَغَنَّت عَلى العيدانِ فَاِنتَعَشَ العقلُ

كَأَنَّ قُدودَ الزّهرِ حينَ تَلامَعَت

سُيوفُ هَيجاءٍ مِنَ الغِمْدِ تُستَلُّ

كَأَنَّ الشّقيقَ الغَضَّ حينَ تراقص

كُؤوسُ طُلا الأَفراحِ حَيثُ الصّدا تَجلو

كَأَنَّ الصَّبا راحَ لَدى الفجرِ إِذ سَرت

بِهِ روحُ زهرِ الرّوض تَحيا وَتبتلُّ

صَباً رَوت اللطفَ الَّذي هو طَبعُها

عَنِ الكزبريْ خَلقاً كَما ثَبَتَ النّقلُ

إِمامٌ تَسامَى أَن يُضاهَى بِفَضلِهِ

وَأنّى يضاهَى مَن تَسامَى بِهِ الفضلُ

أَبو البَذلِ شِبلُ المَجدِ حقّاً أَخو الحِجا

وصِنوُ العُلى لا عقّه الصِنوُ والبذلُ

لَهُ راحَةٌ ما البحرُ إِلّا بِلالُها

فَلا الوَبْلُ يَحكيها إِذِ الجودُ ينهلُّ

فَلا عَيبَ فيها غَيرَ أَنَّ عَطاءَها

لِكَثرَتِه قَد وَدَّ أَن يُمدَحَ البخلُ

مَهيبٌ فَلَو شامَته أُسدُ عَريكَةٍ

لَهَابَتهُ مِن خَوفٍ كَما هابَه الطفلُ

عَزيزٌ بِهِ لِلعِزِّ فَخرٌ وَرِفعَةٌ

فَها كلّ عِزٍّ دونَ عَزَّته ذُلُّ

تَعَوّدَ حُسنَ الحلمِ مِن وَقتِ مَهدِهِ

فَجاءَ كَما قَد شمتَ يا أَيُّها الخِلُّ

بِخُلقٍ وَخَلقٍ يَستَحي البدرُ وَالصبا

يَلوحُ وَتَسري حَيثُ كَانَ السُّرى يَحلو

هُوَ الجَوهرُ الَّذي دونَهُ الوَرى

غَدَت عَرضاً يَفنى فَلَيسَ لَهُ مِثلُ

لَهُ اللَّهُ مَنْ تِجارتُه تقىً

وَمَكسبهُ حَمدٌ وَصَنعَتُهُ نَفْلُ

بِهِ شَرفي سامٍ بِه رِفعَتي نَمَت

بِهِ مَددي وافٍ بِهِ هِمّتي تَعلو

وَمَجدي بِهِ مَجدٌ وَوَقتي بِهِ صَفا

وَعِزّي بِهِ عِزٌّ وَنبلي بِهِ نبلُ

فَلا زالَ في عِزٍّ يَدومُ عَلى المَدى

وَمَجدٌ رَفيعٌ لَيسَ يدركهُ عَقلُ

وَلا زالَ في أُنسٍ عَلى المَنارِ ما

تَبَدّى اِبنُ فَتحِ اللَّه تمداحَه يَتلو

وَما أَنشدَ القُمريُّ عِندَ شُجونه

تَبَسَّمَ زهرُ الرّوضِ حينَ بَكى الطلُّ