تناضلني منها اللحاظ بأسهم

تُناضِلُني منها اللِّحاظُ بِأَسْهُمٍ

ويَطْعَنُني منْها القَوامُ بلهذَمِ

ويُدْهِشُني بَرق سَناهُ مُشَعْشعٌ

لِطرفي بَدا مِنْ ثَغْرِها المُتبَسِّمِ

أَأَصْحو وعَيْناها سُقاةُ مُدامَةٍ

وَمَبْسمُها كاسٌ يَحلُّ لمُغرَمِ

كَأنَّ ضِياءَ الشّمسِ نُورُ جَبينها

وَجَبهَتها الغَرّا تَلوحُ كَأَنجُمِ

كَأَنَّ ثَناياها تَلامُعُ بارقٍ

وَمَبسِمُها الألْمى كَدرٍّ مُنظَّمِ

لَها جَسَدٌ بِاللُّطفِ يُنعَتُ حَجمهُ

مِنَ الرّيحِ قَدْ يدمى بِمَحْضِ تَنسُّمِ

وَخالٍ شَبيهِ المِسْكِ لَوناً ونَفحَةً

وَخَدٍّ كَمِثْلِ الوَردِ أَو شِبهِ عَندَمِ

وَقَد أَخجَلَ الأَغصانَ مَيسُ قَوامِها

كَما أَخجَلَ الأَقمارَ بَرْقُ التبسُّمِ

وَلَوْ كَشَفَتْ يَوماً لِثاماً لِوَجْهِها

لَأَعْمَتْ بَصيراً ثمَّ أَبْصَرَ منْ عَمي

لَها اللَّهُ مِن غَيْداءَ ذاتِ مَحاسنٍ

بِأَلْحاظِها صادَتْ نُهى كُلِّ ضَيْغَمِ

وَلِلّهِ لَيْلٌ فيه جاءَتْ تَزورُني

تَميلُ بنَشْوان القَوامِ المُنعَّمِ

وَأَشرَقَ بَدْرُ الأُنسِ بعدَ أُفولهِ

برَبعي وفي قَلْبي الكئيبِ المُتيّمِ

وَقَد سامَرَتْني في حَديثٍ مُسَلسَلٍ

غَريبٍ ويُروى في الصّحيحِ لمُسْلمِ

إِلى أَن بَدا مِنْ شَرْقِهِ الصُّبْحُ طالِعاً

يُراشِقُ جُنْحَ اللّيلِ منهُ بِأَسْهُمِ

وَأَضْحَتْ تَباشيرُ الصّباحِ مُنيرَةً

تُحاكي سَنا وَجهِ الإِمامِ المُعَظَّمِ

إِمامٌ لَهُ العَلياءُ تَسْمو بِنِسبَةٍ

كَما لعُلاه العِزُّ كالفَخْرِ يَنتَمي

كَريمٌ رَوَيْنا البحرَ عنْ فَيضِ كفّهِ

عَذيبَ الجَنى يَحلو لِكُلِّ مُيمِّمِ

فَصيحٌ إِذا ما قامَ يَخطُبُ واعِظاً

تَرى يَعرُباً يَبدو لَدَيهِ كَأَبْكَمِ

هوَ العَلَمُ الفَرْدُ الَّذي لاحَ لِلوَرى

فَأَضْحَتْ بِهِ كُلُّ البَريَّةِ تَحتَمي

هوَ القمَرُ الزّاهي على الشّمسِ نورُهُ

هوَ الأَسدُ المِقدامُ في كلِّ مَقدَمِ

تَفِرُّ أُسودُ الغابِ مِنهُ مَخافةً

وتَحسَبهُ فَرداً كَجَيشٍ عَرَمرَمِ

لَهُ اللَّهُ مِنْ مَوْلى شَريفٍ مُكرَّمٍ

لَقَد حازَ فَخراً دونَهُ فَخرُ جُرهُمِ

بِهِ رُفِعَتْ هامُ العُلى بَعْدَ خَفْضِها

فَطافَتْ بِأَكْنافِ السحابِ المخيِّمِ

وَشيدَ رُكْنُ المَجدِ بَعدَ اِنهِدامِهِ

فَأَضْحى مَتيناً عامِراً لم يُهدَّمِ

لَهُ هِمَّةٌ فَوقَ السِّماكِ مَحلُّها

لها آصفٌ حقّاً مُضافٌ ومُنتَمي

فَيا كَعبَةَ الفضلِ الّتي قَد نَطوفُها

كَما طيفَ بِالبَيتِ العَتيقِ المحرَّمِ

وَيا أَحْمَدَ الأوصافِ مَنْ فِعلُهُ غَدا

مِنَ الحَمدِ مَحْموداً بكلِّ تكرُّمِ

فَهاكَ حَماكَ اللَّهُ مِن كُلِّ آفةٍ

مُخَدَّرةٍ بِالفِكْرِ ذاتِ تَبسُّمِ

بِها ينعشُ التالي ويطْربُ سامعٌ

وَيبْهجُ رائِيها وَيعْربُ أَعجَمي

أتَتْكَ لِتَحْظى بِالقَبولِ وَبِالرِّضى

وَتلثُمَ مِنْ كفَّيْك أعظمَ ملثَمِ

فَمدَّ بِإِقبالٍ عَلَيها تَفضُّلاً

لَها راحةً بالجودِ كالغَيثِ تَهتَمي

وَلا تَجعَلَنْ غيرَ القَبولِ وشاحَها

لَعَلَّ بِهِ تَحظى بِأَعظَمِ مَغنَمِ

ودُمْ بأمانِ اللَّهِ ما هَبَّتِ الصَّبا

وما غرّدَ القُمْريْ بحُسنِ ترنُّمِ