سلوا الأسود الضواري إذ تعاديه

سَلوا الأُسودَ الضّواري إِذ تُعاديهِ

في الحَربِ عمّا رَأى منهُ مُلاقيهِ

سَلوا الرِّماحَ العَوالي ما الَّذي شَرِبَت

فَقَد سَقاها دَماً أَحشا معاديهِ

سَلوا السّيوفَ المَواضي ما الَّذي طَعِمَت

فَقَد قَراها قُلوباً مِن أَعاديهِ

سَلوا الوَقائِعَ عمّا مِنهُ شاهدهُ

بَنو النُّصَيْرِ بِهِم تَشهَد مَغازيهِ

لَيثُ العَرينِ يَخوضُ الحَربَ هائِجَةً

عَلى اِنبِساطٍ بِلا قَبضٍ يُدانيهِ

يَصولُ بَينَ الأَعادي لا يَهابُهمُ

كَما إِذا صالَ بَينَ العَنزِ راعيهِ

وَلَم تَكُن كَثرَةُ الأَغنامِ ترهِبُهُ

أَيُرهب العنزَ لَيثُ الغابِ ضاريهِ

فَإِن رَأَوهُ وَلَو فَرّوا فَإِنّهمُ

جَيشُ العَصافيرِ إِذ يَلقاهُ بازيهِ

شِبْلُ الشّجاعَةِ رَضّاعاً أَصائِلها

وَلَيسَ عَنها فَطيماً إِذ تربّيهِ

لَو أَظلَمت بِمُثارِ النَّقعِ معركةٌ

فَنورُ أَسيافِهِ في النَّقعِ يَهديهِ

لا يتبعُ الفَشَلُ المِفرارُ يِقتلهُ

إِنّ الفرارَ لَعارٌ فيهِ يَكفيهِ

وَالقَتلُ عِندَ ذَوي الإِقدامِ أَهونُ مِن

عارِ الفِرارِ وَما أَضحى يُضاهيهِ

ما نازَلَته ضَراغيمٌ وَبارَزَها

إِلّا وَأَقواهمُ أَضحى يُناديهِ

يا أَيّها الضّيغَمُ الصّمصامِ أَعْطِ لَنا

أَمْناً فَحربك مِثلي لا يكافيهِ

قَد كِدتُ أَهلكُ مِن خَوفٍ وَمِن رعب

مِنَ الوَقارِ الَّذي يَعلوكَ زاهيهِ

وَالعَفو يُمدَحُ حقّاً عِندَ مَقدِرةً

إِذ تِلكَ تُثبِتُهُ وَالعَجزُ يَنفيهِ

نَجلُ المُروءَةِ في مَهدِ الفتوّةِ قَد

أَنشاهُ مَولاهُ رَبُّ الخَلْقِ باريهِ

شَمسُ العُلى مُصطَفى العَلياءِ مَنْ وَقَفَت

كُلُّ الأماجِدِ طُرّاً عند ناديهِ

بَنى مِنَ المَجدِ وَالعَلياءِ مَنزِلَهُ

وَكانَ فَوقَ سِماكِ العزِّ يبنيهِ

وَبِالرِّماحِ العَوالي وَالسّيوفِ عَلى

مَناكبِ الفَخرِ تَبنيهِ مَعاليهِ

فَأَصبَحَ الفلَكُ العالي عَلى شَغَفٍ

يَودُّ لَو بُنِيَت فيه مَغانيهِ

بَحرُ النّدى مَنْ نَداهُ عَمَّ قاصِدَه

فَكانَ يغرق حقّاً في مَجاريهِ

عَفُّ الإِزارِ وَإنَّ العَدلَ يَملأهُ

في حُسنِ حِلمٍ بِتَدبيرٍ يُوافيهِ

يا سَعدَ ذي العَقلِ إِذْ صافاهُ مُصطحِباً

إِنّ السّعيدَ سَعيدٌ مَن يُصافيهِ

يا وَيلَ ذي الجهّار إِذا عاداهُ من سَفهٍ

إِنّ السّعيد شَقيٌّ مَن يعاديهِ

بَنو نُصَيرٍ لَقَد تاهوا وَقَد رَكِبوا

مَطِيّةَ الغيِّ تَسري في فيافيهِ

وَكَحّلوا قَلبَهم في قُبحِ جَهلهمِ

فَكَحّلوهُ بِما لا شَكَّ يُعميهِ

ظَنّوا ظُنوناً وَظَنُّ المَرءِ يُكذبُهُ

كَما تُكذّبه خُلْفاً أَمانيهِ

وَصَمَّموا عَزمَهُم في حَربِهِم بَطلاً

ظَلَّت أُسودُ الشّرى خَوفاً تُراضيهِ

ساموهُ حَرباً وَظَنُّوا رِبحَ صَفقَتِهم

فَكانَ قَتلُهمُ ربحاً لهم فيهِ

ما بالهُم قاتَلوهُ وَهوَ نَجلُ علي

نَسوا عَليّاً وَمالوا عَن تَولّيهِ

خابوا وَقَد خَسِروا أَرواحَهُم وَكَذا

أَموالَهم وَسَروا في مَهْمَهِ التّيهِ

وَالحَمدُ للَّهِ ذي الإِنعامِ سيّدنا

حَمداً نُكرّرهُ حَمداً نُواليهِ

قَد مَنَّ بِالنّصرِ وَالتّأييدِ مع ظفَرٍ

بِفِتيَةٍ قَد تَبدو مِن أَعاديهِ

وَرَدَّ بَدرَ العُلى فَضلاً لِمَنزِله

بِآيةِ النَّصرِ حَيثُ الفَتحُ تاليهِ

إِنّي أُهَنّيهِ في عَودٍ إِلى وَطنٍ

وَبِالَّذي نالَهُ مِن قَهرِ شانِيهِ

وَقَد أَنبت بِذا عنّي مُهفهفةً

حَسناءَ ميّادةً تَختالُ مِن تيهِ

حَوراءَ مَقصورةً في فِكرِ ناظِمها

وَغادةً في نِظامي مِن غَوانيهِ

جاءَت إِلَيكَ أَبا العَلياءِ جاريةً

تُقبِّل الأرضَ بِالتعظيمِ مِن فيهِ

تَرجو القَبولَ وَتَرجو أَن تَنالَ به

مِن مَطبَخِ الشّهمِ عَدّاً في جواريهِ

وَاِسلَمْ وَدُمْ بِالهنا وَالسعدِ في شرفٍ

مِن ذَروَةِ المَجدِ في أَعلى مَبانيهِ

مُنعَّم البالِ رَغدَ العَيشِ ناعمَه

وَنائِلُ القَصدِ دانيهِ وَقاصيهِ

ما مالَ غُصنٌ وَما هَبَّ النّسيمُ وما

شَدا الهزارُ بِسَجعٍ مِن أَغانيهِ