قدوم به الأفراح تحلو وتعذب

قُدومٌ بِهِ الأفراحُ تحلو وتَعذُبُ

وَقامَت بِهِ الأرواحُ تَحيا وتطرَبُ

أَضاءَت بِهِ الأكوانُ من كلِّ جانبٍ

تَجرُّ ذُيولَ التيهِ بِشْراً وَتَسحَبُ

وَقامَ عَلى غُصنِ السّرورِ حمامُه

خَطيباً بِحُسنِ السّجع وَالصّدْح يَخطُبُ

وَغَنّى على دَوحِ الهناءِ هِزارُهُ

فَكانَ بِأَندى اللّحنِ يَشدو ويُطرِبُ

وَخِلْتُ نُجومَ اللّيلِ تَرقُصُ فَرحَةً

بِأَكمامِ أَنوارٍ بِها العقلُ يسلبُ

تَراها عَلى رَقصٍ بما يُدهِشُ الحِجى

إِلى الأَرضِ قَد صارَت تَجيءُ وَتذهَبُ

فَمِن كَوكبٍ ماشٍ وَمِن كَوكَبٍ عَدا

وَمِن كَوكَبٍ يَبدو وَلَم يَكُ يغرُبُ

تَمُدّ إِلَينا كَالخيوطِ شُعاعَها

فَخِلناهُ مِنّا كَالرِّماحِ تصوَّبُ

خُيوطٌ مِنَ الأنوارِ منها تَساقَطَت

كَما المَطرُ الهامي يسحُّ ويسكبُ

قُدومٌ بِهِ سلَّ السّرورُ حُسامَهُ

وَقامَ بِهِ في الغمِّ يَسطو وَيَضربُ

وَصالَ بِهِ فيه فَمَزَّقَ جَيشهُ

فَما شِمْتُهُ إِلّا يَفرُّ وَيَهرُبُ

بِعام ثَمانٍ بَعدَ ألفٍ لَقَد مَضى

كَذا مايتا عامٍ وَعُشرونَ تُحسَبُ

بِشَهرِ ربيعٍ بَعدَ شَهرٍ لِمَولدٍ

لِسَيّدنا الهادي النبيِّ المقرَّبِ

قُدومٌ لَقَد كنّا محالاً نعدُّهُ

وَلَيسَت لَهُ الأَفكارُ يَوماً تقرّبُ

قُدومٌ بِهِ جاءَ البشيرُ مبشّراً

لَنا مِن دِمَشق الشّامِ للبِشرِ يَصحَبُ

وَلَمّا أَتى فيهِ البشيرُ فَمَنكِبٌ

يُزاحِمُهُ مِنّا لِمَلقاهُ مَنكِبُ

قُدومٌ لِنَجلِ الكزبريِّ إِمامنا

إِمامِ دِمَشقَ مَنْ لَهُ الفضلُ يُنسَبُ

هُوَ الحَبرُ بَحرُ العلمِ وَهوَ فَقيهُها

مُحَدِّثها المَشهورُ وَهوَ المُهذّبُ

هُوَ العارِفُ النّسّاكُ ذو الزّهدِ وَالتّقى

هُوَ العالِمُ النحريرُ وَهوَ المؤدَّبُ

عَلى حُسنِ تَحريرٍ بِأَعذَبِ مَنطِقٍ

بِبَهجَةِ تَحقيقٍ يَعزُّ وَيغرُبُ

عَلى حُسنِ خَلقٍ بِالجَمالِ مُزيَّنٌ

على حسن خُلقٍ بِالكمالِ يهذّبُ

عَلى حُسنِ حِلمٍ لِلوقارِ مُقارِنٍ

بِإِتقانِ رأيٍ لِلأَناةِ يصحَبُ

بِعزَّةِ نَفسٍ تَمتَطي العزَّ وَالعُلى

وَقَد رَفَعَت شَأناً لَهُ المَجدُ منصبُ

لَقَد زارَ بَيروتاً وَشرَّفَ أَرضَها

فَقامَت عَلى الدُّنيا تَتيهُ وتعجَبُ

وَأَلبَسَها مَجداً وَأَحيا رُبوعَها

فَرَبعٌ غَدا يَزهو وآخرُ يُخصِبُ

وَحَلَّ بِها كالشَّمسِ حَلَّت سَماءَها

وَبي كَوكَبٌ لَم يَحكِهِ الدّهرَ كَوكَبُ

فَخِلتُ سَماءَ الشَّمسِ بَيروت موقناً

وَحاشايَ أَنّي في الّذي خِلتُ أَكذِبُ

وَزارَ بِها يَحيى الحَصورَ يسارُهُ

بِجامِعِها المَشهورِ بِالذّكرِ يُرغَبُ

كَذا الشّيخُ شَمسُ الدّين أَعني شَهيدها

بِزاوِيَةٍ تُعزى إِليهِ وتُنسَبُ

كَذا اِبنُ عِراقٍ وَالشّويخ الَّذي اِبنُهُ

غَدوت لَهُ سِبطاً يُعدُّ ويُحسَبُ

وَزارَ بِها شَيخاً يُضاف لِسربة

بِسورٍ عَلَيها لِلحِمايَةِ يُضربُ

وَزارَ الرِّجالَ الأَربَعينَ عَليهمُ

يُصَبّ مِنَ الرّضوانِ وَبْلٌ وصَيِّبُ

وَأُمّ حَرامٍ عَمّةٌ لِاِبن مالكٍ

خَديمِ رَسولِ اللَّه وَهوَ المُحبَّبَ

وَزارَ أَبا العبّاسَ أَعني مَقامَهُ

هوَ الخضِرُ الحيُّ النبيُّ المُقرّبُ

لَدى نَهرِها السلسالِ طابَ زُلالُهُ

وَسالَ لُجَيناً وَهوَ يَحلو وَيَعذُبُ

وَقَد زارَ أَوزاعيَّها العارِفَ الّذي

لَهُ قَد فَشا في الشَّامِ وَالغربِ مَذهَبُ

إِمامُ عَظيمٌ في الحَديثِ مُقدَّمٌ

لَهُ أَثبَتوا التقديمَ فيهِ وَأَوجَبوا