قد كستني بحلة الأوصاب

قَد كَسَتني بحلّةِ الأَوصابِ

مَنْ تَحَلَّتْ بِحلَةِ الإعجابِ

وَاِستَباحَت عذابَ صَبٍّ مُطيعٍ

مَنَعته مِن الشِّفاهِ العِذابِ

خَضَّبَت مِن دَمِ الكئيبِ بَناناً

لَيتَ روحي فِداءُ ذاكَ الخضابِ

حينَ حَكَّت خُدودَها بِبَنانِ

أَثمَرَ الوردُ أَحمَرَ العُنّابِ

أَسبَلَت سالِفاً فَجاءَ لِفيها

يَطلُبُ الشّربَ مِن طَهورِ الشّرابِ

فَسَقاهُ مِنَ الرّضابِ وأحلى ال

آسِ ما كان شارباً للرضابِ

حَدّثَتني بِريقِها عَن سُلافٍ

وَعَنِ السّكّرِ النباتِ المُذابِ

كُلّما أَسبَلَت لِثامَ المحيّا

تَتَوارى شَمسُ الضُّحى بالحجابِ

أَتَصابى بِها وَإِنْ كُنتُ شَيخاً

وَحَميدٌ مِن الشّيوخِ التّصابي

غادَةٌ تَجعَلُ النِّفارَ اِقتِراباً

يا بِعادي بِذَلكَ الاِقتِرابِ

يَنسِجُ السّحرَ لَحظُها كشباكٍ

لِاِصطِيادِ الأسودِ أسْدِ الغابِ

أَلبَسَتني جُفونُها وَهيَ مَرضى

مِن ثِيابِ النّحولِ أَردى الثيابِ

شَيَّبتني وَعارِضي كَغُرابٍ

بِبعادٍ وَجَفوةٍ وَاِغتِرابِ

وَمَشيبي لا شكّ كانَ مُحالاً

إِذ مِنَ المُستَحيلِ شيبُ الغرابِ

لَو حَبَتني بِوَصلِها بَعدَ شَيبي

عادَ بَعدَ المَشيبِ حسنُ شبابي

لَو ترى الصّبَّ بعد بُعدٍ وهجرٍ

أبصَرَتْه في ذلّةٍ وَاِكتِئابِ

وَرَأتهُ كَمَيّتٍ لا يُوارَى

وَعَليهِ دُموعُهُ في اِنسِكابِ

فَهيَ بَدرٌ وَإِنّها لَشهابٌ

تَأخُذُ الشّمسَ لَو بَدا في الغيابِ

مَن رَأى البدرَ كَوكباً من نجومٍ

كان في ذاك مُخطئاً للصوابِ

لَيسَ بَدراً مَن لَم يَكُن بشهابٍ

إِنّما البدرُ عَينُ ذاتِ الشّهابِ

أَحمَدُ البريرُ الإِمامُ المُفدّى

مُفردُ الوقتِ جُملةُ الأنجابِ

عَلَمُ الفَضلِ مَن يُشارُ إِلَيهِ

أَنَّه مُفردٌ بِغَيرِ اِرتِيابِ

ذي مَعالٍ عَلى دَعائِمِ عزٍّ

بُنِيَت وَهيَ عالِياتُ الجنابِ

يَتَغابى وَهوَ الفريدُ ذكاءً

وَحَميدٌ مِنَ الكِرامِ التّغابي

ذي كَمالٍ عَلى المَحاسِن يَطوى

طَيّب النّشرِ في الثّنا المُستَطابِ

وَهوَ فيهِ يُحيطُ ذاتاً وَفِعلاً

وَصِفاتٍ وَفي المَقالِ الصّوابِ

لَيسَ مِنهُ بِغَيرِه غَيرُ شيءٍ

نِيلَ مِنهُ تَكرُّماً بِاِكتِسابِ

النّبيهُ الفَصيحُ أَعلى بليغٍ

قد حوى حكمةً وفصلَ خطابِ