ليس الكئيب بغير القرب ذا فرج

ليسَ الكَئيبُ بِغيرِ القُربِ ذا فرجٍ

ولا بِغَيرِ الَّذي يَهوى بِمُنتَعِشِ

وَلَيسَ يُذكَرُ غَيرُ الحبِّ في زَمَنٍ

إِذ غَيرُهُ لَيسَ في ذِهني بِمُنتَقشِ

وَأُذنُه حُسْنَ ذِكرِ الحبِّ تَسمَعُهُ

وَتِلكَ عَن ذِكرِ غَيرِ الحبِّ في طرَشِ

قَد فَتَّحَ البُعْدُ مِنهُ الجِسمَ من حُرَقٍ

فصارَ من نارِ هجرِ الحِبِّ ذا برَشِ

وَعَظمُهُ في الغرامِ الضَّربُ يَطحَنُهُ

وَقَبلَهُ لَم يَكُن طَحناً بِمُنجَرِشِ

وَطَرفُهُ بَعدَ أَن كانَ الحَديدَ غَدا

مِنَ البكاءِ لبُعدِ الحِبِّ ذا عَمَشِ

وَلَيسَ يَشكو سِوى الإِضرارَ من عطَشٍ

وَلَيسَ غَيرُ لَماهُ مُذهبَ العَطشِ

ما أَوعَدَ الصبُّ في هَجرٍ وفي بُعدٍ

إِلّا وَمِن خَوفِهِ قَد صارَ ذا رعشِ

وَما تَبَدَّى وَخالي القَلبِ أَبصَرَهُ

إِلّا وَأَوقَعَهُ لِلعِشقِ في هَيَشِ

وَما رَآهُ لَدى الإِشراقِ بَدرَ دُجى

إِلّا لَدى صِغَرٍ مِنهُ عَلَيهِ غُشي

وَخالُهُ يَنتَمي مِن حَيثُ حَدَّثَنا

عَن عَنبَرٍ لِبلالٍ سَيّدِ الحَبشِ

ما فَتَّحَ الوردُ في جَنّاتِ وجْنَتهِ

إِلّا عَلى الحُسنِ أَضحى خَيرَ مُعتَرِشِ

أَسررتُ وَجدِيَ عَن لاحٍ يُراقِبُني

إِذ لَدغةُ العَذْلِ فاقَت لَدغَةَ الحَنشِ

أَبيتُ سَهرانَ طولَ اللّيلِ أَجمَعُهُ

أُراقِبُ الشَّمسَ تَمحو دَولَةَ الغَبشِ

وَاللَّيلُ تَرقُصُ إِذ لا بَدرَ أُنجُمُهُ

فلم يكن من يَراها غيرَ ذي دهَشِ

فَإِنّها وَهيَ تَزهو في تَراقُصِها

مِثلُ الدّنانيرِ في كَفٍّ لِمُرتَعِشِ

وَكُلَّما طَلَعَت شَمسٌ تُذَكِّرُني

بِفَضلِها فَضلَ مُحيي مَذهَبِ القرشي

مُحقّقُ الوقتِ أَضحى سهمُ فِطْنَتهِ

لا شكّ عن غَرضِ التحقيقِ لم يطِشِ

ماءُ الحَياةِ بِهِ العلياءُ قد حَييَت

وَمَجدُها عاشَ إِذ لَولاهُ لَم يَعِشِ

كَريمُ نَفسٍ كَأَصلٍ كانَ مَسكنُهُ

مِن ذَروةِ العِزِّ في عالٍ مِنَ العُرشِ

تَوَسَّد المَجدَ في فَخرٍ وفي شَرَفٍ

إِذِ المَعالي لَهُ مِن أَحسَنِ الفُرشِ

الزّاهدُ العابدُ الرّحمنُ في أدَبٍ

كَأَنَّهُ قَد يَراه حَيثُ منه خُشي

وَاللَّهُ يُبقيهِ في عِزٍّ وَيكلؤُهُ

مِن كُلِّ ذي حَسَدٍ لِلبُغض فيه يشي

ما طرزَ الرَّوضُ في قطر السّحابِ وما

مِنَ المَحاسِنِ في درِّ الزّهورِ وشي