مشوق كساه البين ثم التباعد

مَشوقٌ كَساهُ البَينُ ثمّ التباعُدُ

ثِيابَ نحولٍ ماتَ فيها التّجالُدُ

وَأَسلَمَهُ بُعدُ الأَحبَّةِ لِلضّنى

يَموتُ بِهِ وَجداً وَيَحيا التّواجُدُ

وَهَل مُسعِفٌ تُطفى بِهِ جَمرَةُ النّوى

وَهَيهات هَيهات أَينَ المُساعِدُ

عَلى أَنّها تطفى العقولُ تحيلُهُ

بِدونِ تَلاقينا وَأَنّى أُشاهِدُ

وَلَو أَنّ ما أَلقى مِنَ البُعدِ وَالنّوى

عَلى جَبلٍ مِنهُ الصّخورُ الجَلامِدُ

لَذابَ وَلَم يُبقِ النَّوى أَثَراً لَهُ

وَأَصبَحَ لا رَسمٌ لَهُ وَمَعاهِدُ

أَحِبّةَ قَلبي عَن عُيوني نَأيتُمُ

وَكُلٌّ بِأَحشائي مُقيمٌ وَقاعِدُ

أَحِبّةَ قَلبي إِنَّ وَجدي بِحبّكُم

يَزيدُ وَيَحيا فيكُم وَهوَ خالِدُ

وَفِيَّ تَمادى الشّوقُ وَاِستَحكَمَ الضّنا

وَرَقَّ لأَحوالي عَدوٌّ وَحاسِدُ

فَإِنْ جاحِدٌ يَجحَدْ كَلامي فَقلبُكم

عَلى صِدْقِ دَعوانا دَليلٌ وَشاهِدُ

سَقَى اللَّهُ أَوقاتاً تَقَضَّتْ بِقُربِكُم

وَإِنّي عَلَيها الدّهرَ مُثْنٍ وَحامِدُ

شَرِبتُ بِها خَمرَ السّمارِ لَذيذَةً

بِكَأسِ الصّفا تَلتَذّ مِنها المَوارِدُ

فَلا أَوحشَ الرّحمنُ مِنكُم مَجالِساً

تَشرَّف مِنها لَو حَلَلتُم مَقاعِدُ

أَضاءَت بِكُم نوراً وَطابَت رَوائِحاً

وَزَيَّنها مِن دُرِّ فيكم فَرائِدُ

وَرَدَّ لَنا فيها اِجتِماعاً بِأُنسكُم

وَساعَد فيهِ فَهوَ نِعمَ المُساعِدُ