من أهل بيت طربوا في الورى

مِن أَهلِ بَيتٍ طَرِبوا في الوَرى

واللَّهُ عَنهُم أَذهَبَ الرّجسا

وَفاقَ بِالنّظمِ عَلى يَعربٍ

كَما لَقَد فاقَ بِه قسّا

يا فَخرَ يافاءَ بِمَن فَضلُه

لا يُنكرُ الدّهرَ ولا يُنسى

فَتِلكَ مِن وَجنَةِ مَحبوبَتي

وَتيكَ مِن لَوني غَدَت تُكسى

تُديرُها في الكأسِ مِن فضّةٍ

لا عَيبَ فيها لا ولا قَلْسا

وَمُذْ عَلاها حبَبٌ لَم يَكُن

إِلّا الثريّا حَلَّتِ الشّمسا

مُذْ أشبَهَت كاساتُها لَونَها

صادَفَت في أَمرهِما اللَّبسا

أَلثِمُ مِن كاساتِها مَبسِماً

فيهِ شِفاهٌ خِلتُها لُعْسا

يَكتُب مَعناها بِنا نَشأة

إِذ تَجعَلُ العَقلَ لَه طِرْسا

قَد بِتُّ أَحسوها بِلَيلٍ وَقَد

أَدمَنتُ في حاناتِها الغَطسا

لا أَعرفُ اللّيلَ وَشَمسَ الضّحى

لَم أَدرِ إِلّا الطّاسَ وَالكَأسا

تَحمِلُها الغادَةُ في كَفِّها

فَتخطِفُ الأرواحَ والنَّفسا

لَمّا سَقَتنيها خَلعتُ الحِجى

وَنِلتُ مِن ردّ الحِجى البَأسا

لا تَحجُبُ الكفُّ ضِياءَ الطُّلى

أَتحجُبُ البلّورَةُ الشّمسا

بَل يَنزل الأَرضَ وَلا مانِعٌ

مِن كفّها يَمنَعُ لو مَسّا

يا سَعدَ لَيلٍ قد أُديرَت بِهِ

فيهِ سُعادٌ قَد محَتِ النّحسا

فيهِ حَبَتني الوصلَ بَعدَ النَّوى

وَأَذهَبَت في وَصلِها البَأسا

فيهِ اِجتَمَعنا وَالتقى بيننا

حَيثُ نَرى غيرَ التّقى رِكْسا

فيهِ فَرَشنا وَاِلتَحَفنا الهَنا

وَقَد لَبِسنا الصفوَ وَالأُنسا

وَقَد أَخَذنا في حَديثِ الصّفا

لا نَختَشي مِن عاذِلٍ هَمْسا

وَاللّيلُ ثَوبٌ أَسود خِلته

قد طفِقَ الكونُ به يُكسى

ومُذْ بدا الصبحُ نجومُ الدّجى

رَقَت فَخيلَت أَعيننا نَعسا

وَالصّبحُ سَيفٌ سَلَّه شَرقُه

وَأَرسَلَ الشّمسَ لَهُ تِرسا

وَمُذْ بَدَت شَمسُ كَمالِ العُلى

فَالغَربُ أَمسى يَأخُذُ الشّمسا

مِن خَجِلٍ مِنهُ تَمَنَّت بِأَن

تَتخذَ الغَربَ لَها رَمْسا

ما هوَ إِلّا البدرُ بَدرُ الهُدى

لا كَسف يَعروهُ وَلا وَكسا

الكامِل الخَير مَن لَم يَزَل

يَزدادُ مِن ربِّ الوَرى رَغسا

العالمُ النحريرُ مَنْ عِلْماً

يَقبِسُ مِنهُ ذو الحِجى قَبسا

العارِفُ المُحيي بِعِرفانِهِ

مَدارِسَ التّحقيقِ وَالدّرسا

ما حَدْسُهُ إِلّا يَقينٌ فَلا

تَعُدَّ مِنهُ حدسَهُ حَدسا

دوْحَةُ مجدٍ أصلُها ثابتٌ

وَطابَ في رَوضِ الفَلا غَرسا

مَنْ مَجدُهُ فَوقَ المَعالي اِبتُني

وَاِتّخذَ العِزَّ لَهُ أُسّا

عَلا عَلى عَرشٍ مِنَ المَجدِ لا

هَدْمٌ يُدانيهِ وَلا نُكسا

وَفاقَ بِالنّظمِ عَلى يعربٍ

كَما لَقَد فاقَ بِهِ قسّا

مَنْ زُهدُهُ الدُّنيا على فَخرِها

لَيسَت تُساوي عِندَهُ فِلسا

لَو يَملكُ الأَرضَ وَما قَد حَوَت

لَجادَ فيها طيّباً نفسا

جَميلُ خلقٍ حسنُ خُلقِه

أنّى تراه الرّجلَ الشّكسا

مِن أَهلِ بَيتٍ طُهِّروا في الورى

وَاللَّه عَنهُم أَذهَبَ الرِّجسا

يا فَخرَ يافاءَ بِمَن فَضلُهُ

لا يُنكَرُ الدهرَ وَلا يُنسى

لَو لَم أرَ الأقصى لَهُ حُرمَةٌ

لَقُلت يافا تَفضلُ القُدسا

يا أَيّها المَولى وَتاجَ العُلى

إِلَيكَ بِكراً تُشبِهُ الخَنسا

بِنتاً مِنَ الأَعرابِ في حُسنِها

لَكِنْ حَوَت في طَبعِها يَبسا

فَصيحَةً تُعرِبُ عَن قَصدِها

لَكِنّها الناطِقَةُ الخَرسا

أَقبِلْ عَلَيها فَهيَ مِنكَ اِبتَغَت

من حُلَلِ الإقبال أن تُكسى

وَاِسلَمْ وَدُمْ في العَيشِ عَيش الهَنا

ما قد غدا كلُّ غدٍ أَمسا

وما اِبن فَتحِ اللَّهِ نادى دُجىً

قُمْ يا نَديمي عاطِني الكَأسا