من مطلع العز شمس المجد قد طلعت

مِن مَطلَعِ العزِّ شَمس المَجدِ قَد طَلَعت

وَفي سَماءِ العُلى أَنوارُها سَطَعَت

أَهلاً بِها قَدمت بَيروتَ مُسفِرَةً

بُروق أَنوارها مِن فَوقِها لَمَعَت

وَفَوقَ أَرجائِها وَاللَّهِ مِن فَرحٍ

حَمائم البِشرِ قَد غَنَّت وَقَد سَجَعَت

عَمَّت أَشعّتها أَرجاءَها فَغَدَت

ضَوءاً بِهِ فاقَتِ الأَقمارَ وَاِرتَفَعَت

وَزَاحَمَت مَنكِباً أَوج السّهى وَعَلَت

وَفي العُلوِّ عَلى أَوجِ السّهى طَمعَت

وَهَزَّتِ الكشحَ بِالأَكمامِ راقِصَةً

مِنَ السّرورِ وفي رَوضِ الهَنا رَتَعَت

وَأَنشَدت أَهلَها قوموا اِرقُصوا فَرَحاً

وَساعِدوني فَشَمسي اليّوم قَد رَجَعَت

شَمسُ المَعالي بِنورِ المَجدِ في شَرفٍ

مِنَ السّعودِ بِها الآفاقُ قَد تَرعَت

ربّ الضّياءِ فَما الأَقمارُ حاكِيَة

أَنوارُ عَليائِهِ في الكَونِ إِذ طَلَعَت

خِدنُ الكَمالِ عَليّ القَدرِ مِن شَرفٍ

راياتُ سُؤدُدهِ لِلمَجدِ قَد رَفَعَت

أَسيافُهُ البيضُ ما فُلَّت وَلا اِنثَلَمت

مِن قَطعِ هامِ الأَعادي كُلّما قطعَت

وَإِنّها مُنذ كانَت لا فِطامَ لها

وَلَيسَ غيرَ دمِ الأَعداءِ قَد رَضَعَت

لَيثُ العَرينِ وَضِرغامُ الوَغى بَطلٌ

كَم بَينَ أَيديهِ هامُ الأُسدِ قَد رَكَعَت

قَد سارَ في حِفظِ مَولاهُ وَسيّدهُ

يَؤُمّ عَكّا الّتي لِلعِزِّ قَد وَضَعَت

سَعى إِلَيها بِيُمن السّعي في قَدم

بِها المَيامِنُ حَلَّت ما إِلَيهِ سَعَت

وَنالَ فيها مِنَ الإِكرامِ ما قَصرت

عَنهُ العِبارَةُ إِن ضاقَت أَوِ اِتّسَعت

وَمِثلُ ذَلكَ لَم يَخطُر بِخاطِرِهِ

وَالعَينُ لَم تَره وَالأذنُ ما سَمِعَت

وَعادَ مِنها إِلى بَيروتَ مُبتَهِجاً

قَريرَ عَينٍ جَنَت زَهر المُنى وَرَعَت

وَمِثلَما راحَ مِنها عادَ لَيث شَرى

مِنهُ الأُسودُ تَوَلَّت حينَما فَزَعَت

في مَوكِبِ العزِّ وَالعلياءُ تَحمِلُهُ

قَد زُيّنَت بِثيابِ المَجدِ وَاِدَّرَعَت

يا لَيثَ غابٍ لَهُ الآسادُ قَد خَضَعَت

وَما سِواهُ لَهُ الآسادُ قَد خَضَعَت

أَوحَشتَ بَيروتَ لمّا غبتَ متّجهاً

لِنَحوِ عكّا الّتي لِلسّعدِ قَد جَمعَت

لَكِنّما شبلَك المِصباحُ آنَسَها

لَولاهُ كانَت مِنَ الإِيحاشِ ما هَجَعَت

أَنارَ أَكنافَها في حُسنِ غُرّتِهِ

ذات الضّياءِ الّتي أَنوارُها سَطَعَت

كانَت تَشمّ بِهِ مِنكُم رَوائِحكم

يا طيبَها نَفحةً لِلقَلبِ قَد نَفَعَت

قَدمت خَيرَ قُدومٍ قَد سررتَ بِهِ

مِنّا قُلوباً لَدى أَنْ غبت قَد جَزعَت

وَالحَمدُ للَّه شاهَدنا بِأَعيُننا

أَنوارَ وَجهِك في بَيروت قَد لَمَعَت

إِنّي أُهنّيك في هَذا القُدومِ كَما

هَنّأت نَفسي الّتي بِالبعدِ قَد قمعَت

وَاِسلَم وَدُم مِن ذُرى العَلياءِ في شَرَف

تَرقى المَعالِيَ لا اِنحَطّت وَلا اِتّضَعَت

كَذلكَ لا زِلت بِالمِصباحِ مُبتَهجاً

تَراهُ جَدّاً لَهُ الأَحفادُ قَد تَبعت

سَليمُ جِسمٍ رَغيد العَيشِ ناعِمُهُ

في صَهوَةِ العِزِّ لا زَالَت وَلا اِنقَطَعَت

طَويلُ عُمرٍ وَمع طيبِ الحَياةِ بِهِ

بِلَذَّةِ العَيشِ مِن تَنغيصِهِ منَعت

ما قَد غَدا الشّرق عَيناً لا نَظيرَ لَها

نَضّاخَة لِنُجومِ الأُفقِ قَد نَبَعَت

ما أَومَضَ البرقُ ما غَنَّت مُطوَّقة

في الرّوضِ ما الأَرض دَرَّ السّحبِ قَد رضَعَت

ما العَينُ قَرَّت سُروراً كلَّما نَظَرَت

مِن مَطلع العِزِّ شَمس المَجدِ قَد طَلَعَت