هبني بحبك إن هجرت تصبرا

هَبْني بحبِّكَ إنْ هجرت تصبُّرا

وَاِفضَحْ معنّىً في هواكَ تسَتّرا

وَإِذا رَأَيت هواك فيَّ تكثّرا

زِدْني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّرا

وَاِرحَمْ حَشاً بِلَظى هَواكَ تَسعَّرا

وَاِرحَمْ مُعنّىً لا يَغيبُ دَقيقةً

عَن ذِكرِ حُسنكَ إذْ رآهُ طريقةً

فَاِمنَحهُ مِن خَمرِ الشهودِ عَتيقةً

وإذا سألتكَ أن أراكَ حقيقةً

فَاِسمَحْ وَلا تَجعَلْ جَوابي لن تَرى

يا قَلبُ غِبْ إِن كُنتَ قَبلُ مُحِبَّهمْ

عَمَّن سِواهُم إِذ وُصِفْتَ بصَبِّهم

بَل واِفْنَ عَنكَ لِكَي تَفوزَ بِقُربهم

يا قَلبُ أَنتَ وَعَدتَني في حُبِّهم

صَبراً فَحاذِرْ أَن تَضيقَ فَتَضجَرا

يا لائِمَ الصبِّ الكئيبِ بِحبِّهِ

ما لَومُه وَالحبُّ حبّةُ قَلبِهِ

كُن مُغرَماً مُتجرّداً مِن لبِّهِ

إِنَّ الغرامَ هوَ الحَياةُ فَمُت بِهِ

صَبّاً فَحقُّك أن تَموتَ فتُعذَرا

أنا عالمُ العُشّاقِ في هذا الزمنْ

أنا عارفُ النُسّاك أربابِ الشّجن

يا مَن يَرومُ عَنِ الهَوى الخبرَ الحسَن

قُلْ لِلّذينَ تَقَدَّموا قبلي ومَنْ

بَعدي وَمَن أَضحى لِأَشجاني يرى

عَنّي تَلقّوا في الهَوى ما ينفعُ

وَإِلى الحديثِ عَنِ الهَوى فَتجمَّعوا

وَإِذا أَردتُم في الوَرى أن تُرفَعوا

عَنّي خُذوا وَبِيَ اِقتَدوا وَلِيَ اِسمَعوا

وَتَحدَّثوا بِصبابَتي بَينَ الوَرى

كَم أَسهَرَ المَحبوبُ فيهِ عَينَنا

وَعَلى التباعُدِ قَد أَرانا حَيْنَنا

حَتّى أَزالَ لَدى التواصُلِ غَيْننا

وَلَقد خَلَوتُ مَعَ الحَبيبِ وبينَنا

سِرٌّ أَرَقُّ مِنَ النَّسيمِ إِذا سَرى

وَحُبيتُ مَنزِلةً لَديه نلتُها

وَظفِرتُ بِالتقريبِ حينَ دَخلتُها

وَكُسيتُ بِالتّعريفِ مُنذُ حَلَلتها

وَأَباحَ طَرفي نَظرةً أمّلتُها

فَغَدَوتُ مَعروفاً وَكُنتُ مُنكرا

وأذاقَني منه سُلافَ وِصالِهِ

فَخشيتُ مِنْ مرأى كمالِ جلالِهِ

وَرَأيتُ حقّاً مِنه شَمسَ كَمالِهِ

وَدُهِشتُ بَينَ جَلالِه وجمالِهِ

وَغَدا لِسانُ الحالِ عَنّي مُخبِرا

مِن حِذقِ ذي العِرفانِ فيهِ وَفِقهِهِ

تَنزيههُ عَن أَن يَقولَ بشِبْهِهِ

فَاِحذَرْ تَرى غَيرَ الكمالِ بكُنْهِهِ

وَأَدِرْ لِحاظَكَ في مَحاسِنِ وَجههِ

تَلقى جَميعَ الحسنِ فيهِ مصوَّرا

وَاِجعَلْ تَذكُّرَ حُسْنِهِ لَك سورَةً

وَاِترُكْ سِواهُ عَساكَ تُحمَد سيرةً

وَاِعلَمْ وَحقِّقْ إِنْ خلصتَ سَريرةً

لَو أَنَّ كلَّ الحسْنِ يكملُ صورةً

وَرآه كانَ مُهلِّلاً ومكبِّرا