هذا الحمام فأطربن وغرد

هَذا الحمامُ فَأَطرِبنَّ وَغرِّدِ

وَاِذكُر عُهُودَكَ بِالعَقيقِ وَجَدِّدِ

وَاِذكُرْ عِهِبّاءَ الشبابِ وَشَرخَه

قَد مرَّ يَحلو وهوَ غَير مجدَّدِ

أَيّامُ لَهوِكَ بِالصّبابَةِ وَالصِّبا

مُتعلقاً حبَّ المَهى والخُرَّدِ

أَيّامَ تيهِك بِالشّبيبَةِ غاوِياً

وَلَئِن رَأَيتَ سَنى المَهدي لا تهتدي

حَيثُ اللّيالي بِالحَبيبِ مُنيرةٌ

وَالبدرُ يَضرِبُ في الدّجى بِمهنَّدِ

حَيثُ المُسامِرُ كلّ مَن سَلَبَ الحِجى

مِن كلِّ غُصنٍ في المَلاحَةِ أَملَدِ

وَاللَّيلُ لَيلُ الوَصْلِ أَبيضُ نَيِّرٌ

لَو لَم يَفُت لَم يَتَّصفْ بِالأسودِ

وَالصّبحُ صالَ عَلى الظّلامِ مُبارزاً

يَسطو بِسَيفٍ في الظَّلامِ مجرَّدِ

البَدرُ يَطلعُ في السَّماءِ كَغُرّةٍ

تَبدو لِطَرفي في جَبينِ مُحمَّدِ

السيِّدِ الشَّهمِ الشَّريفِ أَخي العُلى

المُستَبِدّ عَنِ الوَرى بِالسّؤددِ

الفَردِ شَيخي الأَكبر السّامي الذّرى

قُطب الكمالِ المُعتَلي لِلفَرقَدِ

العارِفِ الصوفِيِّ صافي السرِّ مَنْ

حازَ الصّفا بِزَهادَةٍ وتجرُّدِ

الزاهِدِ الورعِ النقيّ أَخي التُّقى

صِنْو اِبن أَدهمَ والسريّ الأمجدِ

بَحرِ المَعارفِ وَالمكارمِ والنّدى

والمَنهلِ العذبِ الكَثيرِ المَوردِ

مَن قَد تَحلَّى بِالمَحامِد مفرداً

لَمّا تَخلّى في المَحاسِنِ عن نِدِ

مَن كُحِّلت عينا بَصيرةِ قَلبهِ

من نور عِرفانٍ بأنفعِ إثمدِ

مَن ظَلَّ في فَلَكِ الحقيقةِ سابِحاً

يَجلو الضّلالَةَ وَهوَ أَكملُ مرشدِ

مَن قَد رَوَينا مِن حَديثِ صِفاتِهِ

حسنَ الكمال عَنِ الفَريدِ الأوحدِ

مَن لَو تَلَونا آيةً مِن فَضلِهِ

لَم نَستَمِعْ في الكَونِ غَيرِ مجوَّدِ

مَن تَوَّجَ العِرفانَ مِن تَأليفِهِ

بِلآلئٍ كَزَبرجَدٍ وَزمرِّدِ

من كُلّ مَكنونِ الجَواهرِ صحفهُ

مِن فضّة وَمِدادهُ مِن عَسجَدِ

مَن كلِّ نادِرَةٍ لَديهِ يَتيمَةٍ

تزري بِعَقد في العقودِ مُنضَّدِ

يا فَخرَ دامونٍ فَقَد أَبدَت لَنا

شَمساً بِغَيرِ النَّفعِ لَم تَتَوقَّدِ

لَو لَم تَكُن فَلَكَ السّعادَةِ لَم تَكُن

مَنَّت بِبدرٍ في المَعالي مفرَدِ

شَرُفت بِهِ وَالسّعدُ كانَ رِداءَها

وَالفَخرُ ثَوبٌ تَكتَسيهِ وَتَرتَدي

فَأَشِر إِلَيها لو نَأَتْ أَكنافُها

بِاللّثْمِ كَالحجرِ السعيدِ الأسعدِ

تِلكَ الَّتي أَبدَت لِحجِّ رَجائِنا

حَرَمَ القَبول وَكَعبَةً للمقصدِ

وَكَريمُ نَفسٍ لا يُشابُ بِشُبهَةٍ

وَشَريفُ أَصلٍ في الكرامِ وَمحتدِ

وَسَحابُ جودَةِ كَفّهِ بَحرُ النّدى

فَإِذا هَمى يَسقيكَ مِن أَحلى يَدِ

يا أَيّها المَولَى مدحتُكَ ناظماً

غُررَ المَدائِحِ في القَريضِ الجيِّدِ

نَقحتهُ تَنقيحَ خِلِّ بلاغةٍ

فيه البلاغةُ فضلُها لم يُجحَدِ

أَرسَلته لَكَ لا يُعابُ وإنْ يُعَبْ

بَينَ الحِسانِ فَمن غدا لم يُحسَدِ

فَاِقبَلهُ وَاِسلَم في هَنِيِّ مَعيشَةٍ

ما قَد أَجابَ مُغرِّدٌ لمغرِّدِ

أَو ما اِبنُ فَتحِ اللَّهِ هامَ بِقائِلٍ

هذا الحمامُ فأطربنَّ وغرِّدِ