تهدم من ربع المعارف جانبه

تَهَدّمَ مِنْ رَبْعِ الْمَعارِفِ جانِبُهْ

وأَصْبَحَ في شُغْلٍ عَنْ العِلْمِ طالِبُهْ

وأُكسِفَ بَدْرُ التَّمِّ بَعْدَ طلُوعِهِ

وَكُدِّرَ مِنْهُ صَفْوُهُ ومَشارِبُهْ

وأَقْبَلَ مِنْ لَيْلِ الجَهَالَةِ دَامِسٌ

وأَدْبَرَ من صُبْح الْمَعَارِفِ ثاقِبُهْ

وقَطَّعَ أَنْساعَ الرَّواحِلِ رَاجِلٌ

وكَسَّرَ أَقْتاباً مِن الرَّحْلِ رَاكِبُهْ

وأَقْسَمَ لا يَعْلُو عَلَى ظَهْرِ أنْجَبٍ

وَقَدْ قَامَ فِينا لابْنِ أَحْمَدَ نادِبُهْ

إمامٌ إذا الإِشْكالُ عنّ وأعْضَلَتْ

غَرائِبُ عِلْمٍ فَرَّجَتْها غَرائِبُهْ

إمامٌ رَقَا في دَارَةِ العِلْمِ مَنْزِلاً

يُقَصِّرُ عَنْهُ عُجْمُهُ وأَعارِبُهْ

إمامٌ بهِ ازْدانَ الزَّمانُ وشَيَّدَتْ

مَناقِبَ أَبْناءِ الرَّسُولِ مَنَاقِبُهْ

لِتَبْكِ بِمِلْءِ الجَفْنِ سُنَّةُ أَحْمَدٍ

فَطَالِبُها ضاقَتْ عَلَيْهِ مَذاهِبُهْ

لِتَبْكِ عَلَيْهِ الأُمَّهاتُ فإِنَّها

أصِيبَتْ بِثُكْلٍ لَيْسَ ثُكْلٌ يُقارِبُهْ

لِتَبْكِ عُيونُ العِلْمِ طُرّاً لماجدٍ

بِهِ ارْتَفَعَتْ بَعْدَ السُّقُوطِ جَوانِبُهْ

أعَيْنَيَّ جُودا فابْنُ أَحْمَدَ قَدْ قَضَى

وَقَدْ آنَ أنْ يجْرِي مِنَ الدَّمْعِ ساكِبُهْ

هَوَى بَدْرُ تَمِّ المكْرُماتِ وأَنْشَبَتْ

بعَليَاهُ مِنْ لَيْلِ الْمِحاقِ مَخَالِبُهْ

أَسىً كانَ في طَيِّ الزَّمانِ يَجُنُّهُ

أَغَارَتْ عَلَى كُلِّ الفُنُونِ كَتَائِبُهْ

وَحَسْبُكَ رُزْءٌ ما سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ

ولا مَرّ بِي والدَّهْرُ جَمٌّ عَجَائِبُهْ

تَبَدَّدَ شَمْلُ العِلْمِ بَعْدَ اجْتِماعِهِ

وَنَيّبَه خَطْبٌ تَحِلُّ نَوائِبُهْ

لَقَدْ فَجِعَ الدّينُ الحَنِيفُ بمُفْرَدٍ

تَناهَتْ بِهِ غَاياتُهُ وَمَرَاكِبُهْ

قَضَى جَدُّهُ الْمُخْتَارُ في مِثْلِ يَوْمِهِ

بِشَهْرِ رَبيعٍ واهِبُ الفَضْلِ سالِبُهْ

وما ذَاكَ إِلاّ أَنّهُ في جِوارِهِ

بِجَنَّةِ عَدْنٍ وَهْوَ فِيها مُصَاحِبُهْ

وَما ماتَ مَنْ أَبْقَى لَنا كُلَّ سَيِّدٍ

تُزاحِمُ هَاماتِ السِّماكِ مَناكِبُهْ

مَيامِينَ سَباقِينَ في كُلِّ غايَةٍ

بِهِمْ خَضَعَتْ منَ كُلِّ صَعْبٍ مَراكِبُهْ

نُجُومُ سَمَاءٍ كُلَّما انْقَضَّ كَوْكَبٌ

بَدا كَوْكَبٌ تَأْوِي إِلَيْهِ كَواكِبُهْ