وفود حبيب أم ورود عهاد

وفُودُ حَبِيبٍ أَمْ ورُودُ عِهادِ

وصَوتُ بَشيرٍ أَمْ تَرَنُّمُ حادِي

بِعَيْشِكَ هَلْ قد مُزِّقَتْ حُلَلُ النَّوىَ

وَحَانَ مِنَ اللُّقْيا مَنالُ مُرادِي

وهَلْ طَلَعَتْ شَمْسُ التَّواصُلِ بَعْدَما

تَطاوَلَ لَيْلٌ مُظْلِمٌ بِبعادِ

وعادَتْ لَنَا الأَيّامُ بِيضاً زَواهِراً

وقَدْ لَبِسَتْ منْ قَبْلُ ثَوْبَ حِدادِ

فإنْ كَانَ ما قَالَ البَشيرُ بيَقْظَةٍ

وَلَمْ يَكُ أحْلاماً وزُورَ رُقادِ

فَيَا دَهْرُ قُمْ فاسْحَبْ ذُيولَ مَخِيلَةٍ

وَرَنِّحَ أَعْطَافاً بِرَنَّةِ شَادي

ويا نَاقُ قَدْ أعْضِيتِ مِنْ تَعَبِ السُّرَى

ومِنْ طَيِّ أَغْوارٍ وقَطْعِ نِجادِ

وقُمْ يا غُلامِي حُطَّ رَحْلَ مَطِيَّتي

وخُذْ ذَابِلي واحْلُلْ عُقُودَ نِجادِي

وسَكِّنْ صَهِيلَ الْمُهْرِ وانْزَعْ شَكِيمَهُ

وَضَعْ لأمَتِي مِنْ فَوْقِ ظَهْرِ جَوَادِي

فَقَدْ كُنْتُ أَزْمَعْتُ اقْتِحامَ مَتَالِفٍ

وقَطعَ أَكَامٍ أَقْفَرَتْ وَوِهَادِ

ومنْ دُونِ ما أَبْغِيهِ في كُلِّ مَوْطِنٍ

طِرادُ جِيادٍ وارْتِقاصُ صِعادِ

وسَلْبُ نُفُوسٍ لا تَحِيدُ عَنِ اللّقا

وإنْ لَقِيَتْ في الَحْربِ حَرّ جلادِ

ولم يَكُ تَرْحالي لَجمْعِ شَوَارِدٍ

مِنَ المالِ أَبْغِيها بكُلِّ بِلادِ

ولا لِلقا خَوْدٍ رَدَاحٍ بِذِكْرِها

أديرَتْ كُؤُسٌ من رحيقِ شِهادِ

وأَنىَّ لمثلي يَزْجُرُ العِيسَ قاصِداً

لِقَا زَيْنَبٍ أو طَلِباً لِسُعادِ

وقَدْ طَلَعَتْ شَمْسُ النَّهارِ بعارِضِي

وقَدْ كَانَ لَيْلاً فاحِماً بِسَوادِ

وطَارَ غُرَابٌ كانَ فَوْدِيَ وَكْرُهُ

وأَبْقَى لَهُ بَيْضاً كَثِيرَ عِدادِ

وتَمَّتْ سِنُونُ العُمْرِ سَبْعاً وقَبْلَها

ثَلاثُونَ عَاماً آذَنَتْ بِرَشادِ

فَهَلْ بَعْدَهَا مِنْ مَلْعَبٍ لِصَبابَةٍ

وهَلْ عِنْدَها مِنْ مَرْتَعٍ لوِدَادِ

ولكِنَّ تَرْحَالي لِزَوْرَةِ ماجِدٍ

أَشادَ مِنَ العَلْيا رَفيعَ عِمادِ

فَتىً حَلَّ في بَيْتٍ منَ الْمَجْدِ شامِخٍ

وَصَارَ لَهُ فِيهِ أَعَزُّ مِهادِ

وجَلَّى بِمضْمارِ الفَضائِلِ والتُّقَى

عَلَى مَنْهَجٍ لَمْ يَعْدُ صَوْبَ سَدادِ

أحادِيثُهُ في المكرُمات ذَخَائِرٌ

تعد لذي الأسفار أملح زادِ

تَناشَدَها الرُّكْبانُ في كُلِّ مَوْطِنٍ

وحَرَّرَها الرّاوي لَها بِمِدادِ

إذَا سَاجَلَتْهُ فِتْيَةٌ في فَضِيلَةس

حَدَا بِعُلاهُ للمُساجِلِ حَادِي

وإنْ نَاغَمَتْهُ بالقَرِيضِ بَنَاتُهُ

يُنادي لَهُ بالسَّبْقِ كُلُّ مُنادِي

وإنْ جاذَبَتْهُ بَحْثَ عِلْمٍ رُواتُهُ

رَوَى مَا تُرَوّي كُلَّ سائِلِ صَادِي

يَجُولُ بِفِكْرٍ منْهُ في كُلِّ مُعْضِلٍ

فَيَقْدَحُ في إيضاحِهِ بِزِنادِ

أَبا أَحْمَدٍ أَهْدَيْتَ لي مِنْكَ مِدْحَةً

تَقَاصَرَ عَنْها طارِفِي وتِلادِي

وطَوَّقْتَني ما لا أَقومُ بشُكْرِهِ

وإِنْ رَكِبَتْ رِجْلاي كُلَّ جَوادِ

بَدَأتَ بإهْداءِ العِهادِ سَقَاك مِنْ

سَحابِ العُلَى والفَضْلِ صَوْبُ عهادِ

فَهَا أنا قَدْ قَابَلْتُ دُرّكَ بالحَصَى

وشَمْسُكَ قَدْ قَابَلْتُها بِدَادِي

فَلَسْتُ امْرَءاً رَاضَ القَرِيضَ بفِكْرِهِ

ولا كان لي مُذْ كُنْتُ طَوْعَ قِيادِ

وإنْ رُمْتُهُ يَجْري عَلَى ما أُريدُهُ

جَرَى جَامِحاً مُغْرىً بِشَوْطِ شِرادِ

أُوَجِّهُهُ شَرْقاً فَيَقْصِدُ مَغْرِباً

وإنْ رُمْتُ إصْعَاداً جَرَى بِوِهادِ

وكَمْ مَوْطِنٍ أَجْرَيْتُهُ في رُبُوعِهِ

وطَارَدْتُ فيهِ القِرْنَ أَيَّ طِرادِ

فَعُدْتُ وكُلُّ الشاهِدينَ بِسوحِهِ

شُهودٌ بأنَّ الْمُهْرَ غَيْرَ جَوادِ

ولَيْسَ عَلَى شَخْصٍ يُكَلَّفُ فَوْقَ ما

يُطاقُ ولا إدْراكُ كُلِّ مُرادِ

وَرُبَّ فَتىً يَهْوَى المعَالي ونَيْلَها

وحَظُّ الفَتَى يأْتي بِكُلِّ عِنادِ

وإنَّ امْرَءاً أَجْرَى إلَى كُلِّ غايَةٍ

وأَوْغَلَ في مِضْمارِ كُلِّ رشادِ

يَقُومُ لَهُ بالعُذْرِ في كُلِّ مَحْفِلٍ

بِكُلِّ بلادٍ في الأَنامِ مُنادِي

ودُمْ يا بْنَ يحيى ما حَييتَ مُسَوَّداً

ومَجْدُكَ مَرْفوعاً بكُلِّ عِمادِ

ولا بَرِحَتْ أَفْعالُكَ الغُرُّ في الوَرَى

تَؤُمُّ بها الرُّكْبانُ كُلَّ بِلادِ